للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على حروف المعجم، وكلهم من الشعراء المحدثين، وغير ذلك.

وكان ينادم الخلفاء، وكان أغلب فنونه أخبار الناس، وله رواية واسعة ومحفوظات كثيرة، وكان حسن الاعتقاد جميل الطريقة مقبول القول، وكان أوحد وقته في لعب الشطرنج، لم يكن في عصره مثله في معرفته. والناس إلى الآن يضربون به المثل في ذلك فيقولون لمن يبالغون في حسن لعبه " فلان يلعب الشطرنج (١) مثل الصولي " (٢) .

ورأيت خلقا كثيرا يعتقدون أن الصولي المذكور هو الذي وضع الشطرنج، وهو غلط، فإن الذي وضعه صصه بن داهر الهندي، واسم الملك الذي وضعه له شهرام، بكسر الشين المعجمة.

وكان أردشير ابن بابك أول ملوك الفرس الأخيرة قد وضع النرد، ولذلك قيل له النردشير لأنهم نسبوه إلى واضعه المذكور، وجعله مثالا للدنيا وأهلها (٣) ، فرتب الرقعة اثني عشر بيتا بعدد شهور السنة، وجعل القطع ثلاثين قطعة بعدد أيام كل شهر، وجعل الفصوص مثل القدر وتقلبه بأهل الدنيا. وبالجملة فالكلام في هذا يطول ويخرج عما نحن بصدده؛ فافتخرت الفرس بوضع النرد وكان ملك الهند يومئذ بلهيت، فوضع له صصه المذكور الشطرنج، فقضت حكماء ذلك العصر بترجيحه على النرد لأمور يطول شرحها.

ويقال إن صصه لما وضع الشطرنج وعرضه على الملك شهرام المذكور أعجبه وفرح به كثيرا، وأمر أن يكون في بيوت الديانة، ورآه أفضل ما علم لأنه آلة للحرب وعز للدين والدنيا وأساس لكل عدل، وأظهر الشكر والسرور على ما أنعم عليه في ملكه منه، وقال لصصه: اقترح علي ما تشتهي، فقال له: اقترحت أن تضع حبة قمح في البيت الأول، ولا تزال تضعها حتى تنتهي إلى آخرها، فمهما بلغ تعطيني، فاستصغر الملك ذلك، وأنكر عليه كونه


(١) ق س: بالشطرنج؛ ر: في الشطرنج.
(٢) ن: فيقولون: فلان يلعب ... وهم يبالغون في ذلك في حسن لعبه.
(٣) بهامش ن هنا تعليق طويل حول تحريم الشطرنج والنردشير وتحليلهما؛ وهو بخط غير خط الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>