للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قابله بالنزر اليسير، وكان قد أضمر له شيئا كثيرا، فقال: ما أريد إلاهذا، فراده (١) فيه وهو مصر عليه فأجابه إلى مطلوبه وتقدم له به، فلما قل لأرباب الديوان حسبوه فقالوا ما عندنا قمح يفي بهذا ولا بما يقاربه، فلما قيل للملك استنكر هذه المقالة، وأحضر أرباب الديوان وسألهم فقالوا له: لو جمع كل قمح في الدنيا ما بلغ هذا القدر، فطالبهم بإقامة البرهان على ذلك، فقعدوا وحسبوه، فظهر له صدق ذلك (٢) ، فقال الملك لصصه: أنت في اقتراحك ما اقترحت أعجب حالا من وضعك الشطرنج.

وطريق هذا التضعيف ان يضع الحاسب في البيت الأول حبة وفي الثاني حبتين وفي الثالث أربع حبات وفي الرابع ثماني حبات، وهكذا إلى آخره، كلما انتقل إلى بيت ضاعف ما قبله وأثبته فيه. ولقد كان في نفسي من هذه المبالغة شيء حتى اجتمع بي بعض حساب الإسكندرية، وذكر لي طريقا تبين لي صحة ماذكروه، وأحضر لي ورقة بصورة ذلك، وهو أنه ضاعف الأعداد إلى البيت السادس عشر فأثبت فيه اثنين وثلاثين ألفا وسبعمائة وثمانيا وستين حبة، وقال: نجعل هذه الجملة مقدار قدح، وقد اعتبرتها (٣) فكانت كذلك، والعهدة عليه في هذا النقل، ثم ضاعف القدح في البيت السابع عشر، وهكذا حتى بلغ ويبة في البيت العشرين ثم انتقل إلى الويبات، ومنها إلى الأرادب، ولم يزل يضاعفها حتى انتهى في بيت الأربعين إلى مائة ألف إردب أربعة وسبعين ألف إردب وسبعمائة واثنين وستين إردبا وثلثين، فقال تجعل هذه الجملة في شونه فإن الشونة لايكون فيها أكثر من هذا، ثم ضاعف الشون إلى بيت الخمسين فكانت الجملة ألفا وأربعا وعشرين شونة، فقال: تجعل هذه في مدينة، فإن المدينة لايكون فيها أكثر من هذه الشون، وأي مدينة يكون فيها هذه الجملة من الشون ثم ضاعف المدن حتى انتهى في البيت (٤) الرابع والستين - وهو آخر


(١) ن س ت والمخار: فرواده؛ ل لي بر من: فراوده.
(٢) ر: فظهر صحة ذلك له.
(٣) ت لي من بر: عبرتها؛ س: عبر بها.
(٤) لي: في بيت.

<<  <  ج: ص:  >  >>