للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فتمثل بقوله الآخر:

يشقى رجال ويشقى آخرون بهم ... ويسعد الله أقواما بأقوام

وليس رزق الفتى من فضل حيلته ... لكن جدود وأرزاق بأقسام

كالصيد يحرمه الرامي المجيد وقد ... يرمي فيحرزه من ليس بالرامي وإذا به لابس سبعة أقبية كل قباء منها لون، وكنا في وغرة (١) القيظ وجمرة الصيف وفي يوم تكاد ودائع الهامات تسيل فيه، فجلست مستوفزا وجلس متحفزا (٢) ، وأعرض عني لاهيا وأعرضت عنه ساهيا، أؤنب نفسي في قصده وأستخف رأيها في تكلف ملاقاته، فغبر هنية ثانيا عطفه لا يعيرني طرفة، وأقبل على تلك الزعنفة التي بين يديه، وكل يومي إليه ويوحي بلحظة ويشير إلى مكاني بيديه (٣) ، ويوقظه من سنته وجهله، ويأبى إلا ازورارا ونفارا وعتوا واستكبارا، ثم رأى أن يثني جانبه إلي ويقبل بعض الإقبال علي، فأقسمت بالوفاء والكرم، فأنهما من محاسن القسم (٤) ، أنه لم يزد على أن قال: أيش خبرك، فقلت: بخير أنا لولا ما جنيته على نفسي من قصدك ووسمت به قدري من ميسم الذل بزيارتك وجشمت رأيي من السعي إلى مثلك، ممن لم تهذبه تجربة ولا أدبته بصيرة. ثم تحدرت عليه تحدر السيل إلى قرارة الوادي وقلت له: أبن لي مم تيهك وخيلاؤك وعجبك وكبرياؤك وما الذي يوجب ما أنت عليه من الذهاب بنفسك والرمي بهمتك إلى حيث يقصر عنه باعك ولا تطول إليه ذراعك هل ها هنا نسب انتسب إلى المجد بهظ أو شرف علقت بأذياله أو سلطان تسلطت بعزة أو علم تقع الإشارة إليك به إنك لو قدرت نفسك بقدرها أو وزنتها بميزانها ولم يذهب بك التيه مذهبا لما عدوت أن تكون شاعرا مكتسبا، فامتقع (٥)


(١) في النسخ ما عدا ر: وعرة.
(٢) ر: محتفزاً.
(٣) ر: بيده.
(٤) ق: الشيم.
(٥) ن ر: فانتفع.

<<  <  ج: ص:  >  >>