للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

البرقع عن وجهها في ذلك الوقت، وقدم لها تحفاً يقصر الوصف عن ضبطها، وقبل الأرض وخدم وتنصرف وظهر عليه سرور عظيم (١) .

وبالجملة فأخبار الدولة السلجوقية كثيرة، وقد اعتنى بها جماعة من المؤرخين وألفوا فيها تآليف اشتملت على تفاصيل أمرهم، وما قصدت من الإتيان بهذه النبة إلا التنبيه على مبدإ حالهم، ليكشف جلية ذلك من يروم الوقوف عليه. وتوفي طغرلبك المذكور يوم الجمعة ثامن شهر رمضان المعظم سنة خمس وخمسين وأربعمائة بالري، وعمره سبعون سنة، ونقل إلى مرو ودفن عند قبر أخيه داود - وسيأتي ذكره في ترجمة ولده ألب أرسلان، إن شاء الله تعالى - وقال ابن الهمذاني في تاريخه، إنه دفن بالري في تربة هناك (٢) ، وكذا قال السمعاني في " الذيل " (٣) ، في ترجمة السلطان سنجر المقدم ذكره.

وحكى وزيره محمد بن منصور الكندري - الآتي ذكره (٤) - عنه انه قال: رأيت وأنا بخراسان في المنام كأنني رفعت إلى السماء، وأنا في ضباب لا أبصر معه شيئاً غير أني أشم رائحة طيبة، وإذا بمناد ينادي: أنت قريب من الباري جلت قدرته، فاسأل حاجتك لتقضى، فقلت في نفسي أسأل طول العمر، فقيل لك سبعون سنة، فقلت: يا رب لا تكفيني، فقيل لك سبعون سنة، فقلت: لا تكفيني، فقيل لك سبعون سنة، ذكر هذا شيخنا ابن الأثير في تاريخه (٥) .

ولما حضرته الوفاة قال: إنما مثلي مثل شاة تشد قوائهما لجز الصوف، فتظن أنها تذبح فتضطرب، حتى إذا أطلقت تفرح، ثم تشد للذبح فتظن أنه لجز الصوف فتسمن فتذبح، وهذا المرض الذي أنا فيه هو أشد القوائم للذبح، فمات منه، رحمه الله تعالى؛ ولم تقم بنت الإمام القائم في صحبته إلا مقدار ستة أشهر.


(١) جاءت هذه الفقرة بإيجاز شديد في مج ت؛ ر ن من بر: السرور.
(٢) ق: تربة والده هناك.
(٣) ق ن ر: الذيل.
(٤) في النسخ: المقدم ذكره.
(٥) ابن الأثير ١٠: ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>