المنصور سيف الدين قلاون الصالحي المذكور في ترجمة القاضي مجلي في أوائل هذا الحرف، فاحسن السلطان إليهما، وجعل الملك خضراً وأخاه سلامش أميرين، وأقطعهما الإقطاعات الجيدة، وأسكنهما بقلعة الجبل المنصور، واستمر الأمر على ذلك، وهما مختلطان به في جملة من أهله ملازمان للركوب مع ولديه السلطان الملك الصالح علاء الدين والملك الأشرف صلاح الدين خليل.
" ولم يزل الأمر كذلك إلى شهور سنة ثمان وثمانين وستمائة، فجرى من الأمر ما اقتضى الحال معه القبض على الأميرين نجم الدين خضر وبدر الدين سلامش المذكورين واعتقالهما بقلعة الجبل المنصورة وأما الملك الصالح بن الملك المنصور المذكور، فإنه كان ولي عهد أبيه، وكان حازماً شديد الرأي. وتوفي في حياة والده في شهر شعبان سنة سبع وثمانين وستمائة، ثم إن والده جعل ولاية العهد إلى ولده الملك الأشرف المذكور، وقلده الملك في شهر شوال سنة سبع وثمانين المذكورة وهو من الملوك المشهورين بعلو الهمة والسعادة والحزم.
وتوفي الملك المنصور قلاون في يوم السبت من شهر ذي القعدة سنة تسع وثمانين وستمائة في دهليزه بمسجد التين. وكان قد خرج على نية الغزاة إلى عكا، فعرض له مرض، فقضى به نحبه وعادت العساكر إلى مستقرها.
واستقل ولده السلطان الملك الأشرف بالمملكة يجمع المعاقل والبلاد، ولم ير في الملوك أكثر سعادة منه، ولا أعلى همة ولا أكرم نفساً ولا أكثر وفاء لمن خدمه ولاذ به.
وفي أيام الملك المنصور فتحت طرابلس الشام يوم الثلاثاء تاسع ربيع الآخر سنة ثمان وثمانين وستمائة، وكان نازلها بنفسه وعساكره، وفتحها قهراً بالسيف، واستولى القتل والأسر والنهب على أهلها، وملك ما جاورها من قلعة جبيل والبترون وغير ذلك، ثم إن الملك الأشرف المذكور بعد استقلاله بالملك بمدة يسيرة خرج بنفسه وجمع عساكره وتوجه إلى عكا، فنازلها في يوم، وكان خروجه من مصر في يوم، واجتمع على عكا جميع الناس: الجند والمتطوعة وغيرهم وسائر البلاد، ويسر الله فتحها في يوم الجمعة سابع عشر جمادى الأولى سنة تسعين وستمائة، في مثل الساعة من اليوم من الشهر الذي أخذت فيه من السلمين، إلا أن الشهر كان الأولى، وأخذت من المسلمين في أيام صلاح الدين يوسف بن أيوب في الآخرة سنة سبع وثمانين وخمسمائة، وأن