يا سيدي الوزير في هذه الثياب زنابير ما تدعها تثبت على جسمك، فضحك وأمر لها بحقة حلي. وهو أول وزير لقب بلقبين، فإن الإمام المطيع لقبه بالناصح، ولقبه ولده الطائع بنصير الدولة.
ولما جرت الحرب بين عز الدولة وابن عمه عضد الدولة قبض عز الدولة عليه وسمله وحمله إلى عضد الدولة مسمولاً، فشهره عضد الدولة وعلى رأسه برنس، ثم أمر بطرحه للفيلة فقتله، ثم صلبه عند داره بباب الطاق، وعمره نيف وخمسون سنة. ولما صلب رثاه أبو الحسن محمد بن عمر بن يعقوب الأنباري أحد العدول ببغداد بقوله:
علو في الحياة وفي الممات ... لحق أنت إحدى المعجزات
كأن الناس حولك حين قاموا ... وفود نداك أيام الصلات
كأنك قائم فيهم خطيباً ... وكلهم قيام للصلاة
مددت يديك نحوهم احتفاء ... كمدهما (١) إليهم بالهبات
ولما ضاق بطن الأرض عن أن ... يضم علاك من بعد الممات
أصاروا الجو قبرك واستنابوا ... عن الكفان ثوب السافيات
لعظمك في النفوس تبيت ترعى ... بحفاظ وحراس ثقات
وتشعل عندك النيران ليلاً ... كذلك كنت أيام الحياة
ركبت مطية من قبل زيد ... علاها في السنين الماضيات
وتلك فضيلة فيها تأس ... تباعد عنك تعيير العداة
ولم أر قبل جذعك قط جذعا ... تمكن من عناق المكرمات
أسأت إلى النوائب فاستثارت ... فأنت قتيل ثأر النائبات
وكنت تجير من صرف الليالي ... فعاد مطالباً لك بالترات
وصير دهرك الإحسان فيه ... إلينا من عظيم السيئات
وكنت لمعشر سعداً، فلما ... مضيت تفرقوا بالمنحسات
(١) ر ق والمختار: كمدكها.