للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غليل باطن لك في فؤادي ... يخفف بالدموع الجاريات

ولو أني قدرت على قيام ... لفرضك والحقوق الواجبات

ملأت الأرض من نظم القوافي ... ونحت بها خلاف النائحات

ولكني أصبر عنك نفسي ... مخافة أن أعد من الجناة

وما لك تربة فأقول تسقى ... لأنك نصب هطل الهاطلات

عليك تحية الرحمن تترى ... برحمات غواد رائحات ولم يزل (١) ابن بقية مصلوباً إلى أن توفي عضد الدولة - في التاريخ المذكور في ترجمته في حرف الفاء (٢) - فأنزل عن الخشبة، ودفن في موضعه، فقال فيه أبو الحسن ابن الأنباري صاحب المرثية المذكورة:

ولم يلحقوا بك عاراً إذ صلبت بلى ... باءوا بإثمك ثم استرجعوا ندما

وأيقنوا أنهم في فعلهم غلطوا ... وأنهم نصبوا من سؤدد علما

فاسترجعوك وواروا منك طود علا ... بدفنه دفنوا الأفضال والكرما

لئن بليت فلا يبلى نداك فيك كما ... يُنسى، وكم هالك ينسى إذا عدما

تقاسم الناس حسن الذكر فيك كما ... ما زال مالك بين الناس منقسما قال الحافظ ابن عساكر في " تاريخ دمشق ": لما صنع أبو الحسن المرثية التائية كتبها ورماها في شوارع بغداد، فتداولتها الأدباء (٣) ، إلى أن وصل الخبر إلى عضد الدولة، فلما أنشدت بين يديه تمنى أن يكون هو المصلوب دونه، فقال: علي بهذا الرجل، فطلب سنة كاملة، واتصل الخبر بالصاحب ابن عباد وهو بالري فكتب له الأمان، فلما سمع أبو الحسن ابن الأنباري بذكر الأمان قصد حضرته فقال له: أنت القائل هذه الأبيات قال: نعم، قال: أنشدنيها من فيك، فلما أنشد:


(١) ق: قال الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق ولم يزل ... الخ.
(٢) انظر ج ٤: ٥٤.
(٣) ق: فتداولها الناس والأدباء.

<<  <  ج: ص:  >  >>