للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا ربما تحتاج إلى تغيير (١) البقيار فلا تجد ما تلبسه، فقال له: إن هذا الوقت صعب كما ترى، وربما لا أجد وقتاً أصنع فيه الخير كهذا الوقت، وأما البقيار فإني أجد عوضه كثيراً، فخرج الوكيل وباع البقيار وتصدق بثمنه؛ وله من هذه النوادر أشياء كثيرة.

وأقام على هذه الحال إلى أن توفي مخدومه غازي - في التاريخ المذكور في ترجمته - وقام بالأمر من بعده أخوه قطب الدين مودود - وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى - فاستولى عليه مدة، ثم إنه استكثر إقطاعه وثقل عليه أمره، فقبض عليه في شهر رجب الفرد سنة ثمان وخمسين وخمسمائة. وفي أخبار زين الدين صاحب إربل طرف من خبر قبضه وحبسه في قلعة الموصل. ولم يزل مسجوناً (٢) بها إلى أن توفي في العشر الأخير من شهر رمضان المعظم، وقيل شعبان، سنة تسع وخمسين وخمسمائة، وصلي عليه، وكان يوماً مشهوداً من ضجيج الضعفاء (٣) والأرامل والأيتام حول جنازته، ودفن بالموصل إلى بعض سنة ستين، ثم نقل إلى مكة - حرسها الله تعالى - وطيف به حول الكعبة، وكان بعد أن صعدوا به ليلة الوقفة إلى جبل عرفات، وكانوا يطوفون به كل يوم مراراً مدة مقامهم بمكة، شرفها الله تعالى، وكان يوم دخوله مكة يوماً مشهوداً من اجتماع الخلق والبكاء عليه، ويقال إنه لم يعهد (٤) عندهم مثل ذلك اليوم، وكان معه شخص مرتب يذكر محاسنه ويعدد مآثره، إذا وصلوا به إلى المزارات والمواضع المعظمة، فلما انتهوا به إلى الكعبة وقف وأنشد:

يا كعبة الإسلام هذا الذي ... جاءك يسعى كعبة الجود

قصدت في العام وهذا الذي ... لم يخل يوماً غير مقصود ثم حمل إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم ودفن بها بالبقيع بعد أن أدخل


(١) ق: إلى أن تعير.
(٢) بر: محبوساً.
(٣) بر: من ضجيج الناس من الضعفاء.
(٤) بر: إنهم لم يعهدوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>