للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصار كالعلم لهم، وكان يغلب عليهم العدل والدين والعلم، وملك من بينهم جماعة، ولم تنقرض دولتهم إلا بدولة السلطان محمود بن سبكتكين - الآتي ذكره إن شاء الله تعالى - وكانت مدة ولايتهم مائة سنة وسنتين وستة أشهر وعشرة أيام.

(٢٣٦) وكانت وفاة أبي صالح منصور المذكور في شوال سنة خمس وستين وثلثمائة وكان قد صنف له الرازي المذكور الكتاب المذكور في حال صغره، ليشتغل به.

ثم رأيت نسخة كتاب (١) " المنصوري "، وعلى ظهره: أن المنصور الذي وسم الرازي هذا الكتاب باسمه هو المنصور بن إسحاق بن أحمد بن نوح من ولد بهرام كوس (٢) صاحب كرمان وخراسان، وكنيته أبو صالح، والله أعلم بالصواب.

وحكى ابن حلجل - المقدم ذكره - في تاريخه أيضاً: أن الرازي المذكور صنف لمنصور المذكور كتاباً في إثبات صناعة الكيمياء، وقصد به من بغداد فدفع له الكتاب، فأعجبه وشكره عليه وحباه بألف دينار وقال له: أريد أن تخرج هذا الذي ذكرت في هذا الكتاب إلى الفعل، فقال له الرازي: إن ذلك مما يتمون له المؤن، ويحاج إلى آلات وعقاقير صحيحة، وإلى إحكام صنعة ذلك كله، وكل ذلك كلفة، فقال له منصور: كل ما احتجت إليه من الآلات، ومما يليق بالصناعة أحضره لك كاملاً حتى تخرج عما ضمنته كتابك إلى العمل. فلما حقق عليه كع عن مباشرة ذلك وعجز عن عمله. فقال له منصور: ما اعتقدت أن حكيماً يرضى بتحليل الكذب في كتب ينسبها إلى الحكمة، يشغل بها قلوب الناس ويتعبهم فيما لا يعود عليهم من ذلك منفعة. ثم قال له: قد كافأتك على قصدك وتعبك بما صار إليك من الألف دينار، ولا بد من معاقبتك على تخليد الكذب، فحمل السوط على رأسه، ثم أمر أن يضرب بالكتاب على رأسه حتى يتقطع، ثم جهزه وسير به إلى بغداد، فكان ذلك الضرب سبب نزول الماء إلى عينيه، ولم يسمح بقدحهما وقال: قد رأيت الدنيا.


(١) ق بر من: بكتاب.
(٢) كذا هو في أكثر النسخ؛ وسقطت الفقرة من لي.

<<  <  ج: ص:  >  >>