للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد اجتهدت في عصر القصب فلم يسمح ببعض ما كان يأتي، فعلم صدقها، فرجع عن تلك النية، ثم قال لها: ارجعي الآن فأنك تبلغين الغرض، وعقد على نفسه أن لا يفعل ما نواه، فخرجت الصبية ومعها ما شاءت من ماء السكر وهي مستبشرة. فقال السلطان للواعظ: فلم لا تذكر للرعية أن كسرى اجتاز على بستان فقال للناطور: ناولني عتقوداً من الحصرم، فقال له: ما يمكنني ذلك، فإن السلطان لم يأخذ حقه ولا تجوز لي خيانته، فعجب الحاضرون من مقابلته الحكاية بمثلها، ومعارضته بما أوجب الحق له ما أوجب الحق عليه.

وحكى الهمذاني أيضاً أن سوادياً لقيه وهو يبكي، فسأله السلطان عن سبب بكائه، فقال (١) : ابتعت بطيخاً بدريهمات لا أملك غيرها، فلقيني ثلاثة أغلمة أتراك فأخذوه مني، وما لي حيلة سواه، فقال: أمسك، واستدعى فراشاً وكان ذلك عند باكورة البطيخ، وقال له: إن نفسي قد تاقت إلى البطيخ، فطف في العسكر وانظر من عنه شيء فأحضره، فعاد ومعه بطيخ، فقال: عند من رأيته قال: عند الأمير فلان، فأحضره وقال: من أين لك هذا البطيخ فقال: جاء به الغلمان، فقال: أريدهم الساعة، فمضى وقد عرف نية السلطان فيهم، فهربهم وعاد فقال: لم أجدهم فالتفت إلى السوادي وقال: هذا مملوكي وقد وهبته لك حين لم يحضر القوم الذين أخذوا متاعك، والله لئن خليته لأضربن عنقك، فأخذه السوادي بيده، وأخرجه من بين يدي السلطان فاشترى المير نفسة بثلاثمائة دينار، وعاد السوادي وقال: يا سلطان، قد بعث المملوك بثلثمائة دينار فقال: أو قد رضيت قال: نعم، قال: امض مصاحباً (٢) .

وكانت البركة والثمن مقرونين بناصيته، فكان إذا يدخل أصبهان أو بغداد أو أي بلد من البلاد كان، دخل معه عدد لا يحصى لكثرته فيرخص السعر وتنحط أثمان الأشِياء عما كانت عليه قبله، ويكتسب المتعيشون مع عسكره الكسب الكثير.

وحكى الهمذاني أيضاً أنه أحضرت إليه مغنية وهو بالري، فأعجب بها


(١) انظر أخبار الدولة السلجوقية: ٧٣.
(٢) ر: مصاحباً بالسلامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>