للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستطاب غناءها، فهم بها فقالت: يا سلطان، إني أغار على هذا الوجه الجميل أن يعذب بالنار، وإن الحلال أيسر، وبينه وبين الحرام (١) كلمة، فقال: صدقت، واستدعى القاضي فتزوجها منه وابتنى بها، وتوفي عنها.

[وقال صاحب الندول المنقطعة: ومن جملة ما سعى تاج الملك (٢) في نظام الملك الوزير أن قال للسلطان: إنه ينفق في كل سنة على أرباب المدارس والرباطات ثلثمائة ألف دينار، ولو جيش بها جيشاً لبلغ باب القسطنطينية، فاستحضر الناظم واستفسره على الحال، فقال: يا سلطان العالم إني أنا رجل شيخ، ولو ندوي علي لما زادت قيميتي على ثلاثة دنانير، وأنت حدث لو نودي عليك ما زادت قيمتك على ثلاثين ديناراً، وقد أعطاك الله تعالى وأعطاني بك ما لم يعطه أحداً من خلقه، أفلا نعوضه عن ذلك في حملة دينه وحفظة كتابه ثلاثمائة ألف دينار ثم إنك تنفق على الجيوش المحاربة في كل سنة ستة أضعاف هذا المال، مع أن أقواهم وأرماهم لا تبلغ رميته ميلاً ولا يضرب بسيفه إلا ما قرب منه، وأنا أجيش لك بهذا المال جيشاً تصل من الدعاء سهامه إلى العرض لا يحجبها شيء عن الله تعالى، فبكى السلطان وقال: يا أبت استكثر من الجيش، والأموال مبذولة لك، والدنيا بين يديك] (٣) .

وعيون محاسنه أكثر من أن تحصى.

وحكى الهمذاني أيضاً أن ناظم الملك الوزير وقع للملاحين الذين عبروا بالسطان والعسكر نهر جيحون على العامل بأنطاكية، وذلك لسعة المملكة، وكان مبلغ أجره المعابر أحد عشر ألف دينار.

وتزوج الإمام المقتدي بأمر الله أمير المؤمنين ابنة السلطان، وكات السفير في الخطبة الشيخ أبا إسحاق الشيرازي صاحب المهذب والتنبيه رحمه الله تعالى، وأنقذه الخليفة إلى نيسابور لهذا السبب، فإن السلطان كان هناك، فلما وصل إلى بغداد في أقل من أربعة أشهر، وناظر إمام الحرمين هناك، فلما


(١) لي: وبينك وبين الحلال.
(٢) هو تاج الملك أبو الغنائم صاحب خزانة السلطان والناظر في أمر دوره وفي وزارة أولاده.
(٣) زيادة انفردت بها النسخة ر، وانظر أخبار الدولة السلجوقية: ٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>