للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشهودها وسوقتها إلى أن صادر رجلاً حمالاً فأخذ عشرين ديناراً ثمن جمل باعه لم يكن يملك سواه، وارتفع عنده إلى أن كان يستعمل بتنس ودمياط ملابس مخصوصة من الصوف الأبيض معلمة بالذهب، فكان يلبسها ويلبس فوقها الدماقس والديباج، وكان يتطيب من المسك بعدة من المثاقيل كل يوم، وكان يشم رائحة طيبه من مكان بعيد، وكان يركب الحمر بالسروج المحلاة بالذهب والفضة، ويدخل إلى دهليز القاعة المعروفة بلباس الخطباء بالجامع العتيق بمصر، فيجلس هناك ويستدعي الناس للمصادرة، وأقام كذلك مدة إلى أن قتل في سنة ثلاث وعشرين، على يد المقداد الوالي بمصر ثم صلب عند الجسر. ذكر أنه لما قبض على دار الراهب وجد فيها مكان فيه ثمانمائة طراحة جدد لم تستعمل قدرت إلى السقف، هذا نوع واحد فيها مكان قليل الاستعمال فكيف ما عداه من الديباج وأنواع المتاع الفاخر] (١) .

وكان الآمر سيء الرأي (٢) جائر السيرة مستهتراً متظاهراً باللهو اللعب، وفي أيامه أخذ الفرنج مدينة عكا في شعبان سنة سبع وتسعين وأربعمائة، وأخذوا طرابلس الشام بالسيف يوم الاثنين لإحدى عشرة ليلة خلت من ذي الحجة سنة اثنتين وخمسمائة، وكان أخذهم بالسيف (٣) ، ونهبوا ما فيها، وأسروا رجالها وسبوا نساءها وأطفالها، وحصل في أيديهم من أمتعها وذخائرها وكتب دار علمها وما كان في خزائن أربابها ما لايحد عدده ولا يحصى، وعوقب من بقي من أهلها، واستصفيت أموالهم، ثم وصلتها نجدة المصريين بعد فوات الأمر فيها، وفي هذه السنة ملكوا عرقة وكان نزولهم عليها أول شعبان من السنة المذكورة، وفيها ملكوا بانياس، وفيها جبيل بالأمان، وتسلموا قلعة تبنين يوم الجمعة لثمان بقين من ذي الحجة سنة إحدى عشرة وخمسمائة، وكان الوالي بها من جهة الأتابك ظهير الدين طغتكين المذكور في حرف التاء


(١) ما بين معقفين زيادة من ر.
(٢) ر: سيء الخلق والرأي.
(٣) هذا مكرر.

<<  <  ج: ص:  >  >>