للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسلامية نسيج وحده، ودرس في عدة مدارس بالموصل، وتخرج عليه خلق كثير في كل فن.

ثم قال: أنشدنا لنفسه، وأنفذها إلى صاحب الموصل يشفع عنده:

لئن شرفت أرضٌ بمالك رقها ... فمملكة الدنيا بكم تتشرف (١)

بقيت بقاء الدهر أمرك نافذ ... وسعيك مشكور وحكمك منصف

ومكنت في حفظ البسيطة مثل ما ... تمكن في أمصار فرعون يوسف قلت أنا: ولقد أنشدني هذه الأبيات عنه أحد أصحابنا بمدينة حلب، وكنت بدمشق سنة ثلاث وثلاثين وستمائة، وبها رجل فاضل في علوم الرياضة، فأشكل عليه مواضع في مسائل الحساب والجبر والمقابلة والمساحة واقليدس، فكتب جميعها في درج وسيرها إلى الموصل، ثم بعد أشهر عاد جوابه، وقد كشف عن خفيها وأوضح غامضها وذكر ما يعجز الإنسان عن وصفه، ثم كتب في آخر الجواب: فليمهد العذر في التقصير في الأجوبة، فإن القريحة جامدة، والفطنة خامدة، قد استولى عليها كثرة النسيان، وشغلتها حوادث الزمان، وكثير مما استخرجناه وعرفناه نسيناه، بحيث صرنا كأنا ما عرفناه؛ وقال لي صاحب المسائل المذكورة: ما سمعت مثل هذا الكلام إلا للأوائل المتقنين (٢) لهذه العلوم، ما هذا من كلام أبناء هذا الزمان.

وحكى لي الشيخ الفقيه الرياضي علم الدين قيصر بن أبي القاسم عبد الغني بن مسافر الحنفي المصري المعروف بتعاسيف، وكان إماماً في علوم الرياضة، قال (٣) : لما أتقنت علوم الرياضة بالديار المصرية ودمشق، تاقت نفسي إلى الاجتماع بالشيخ كمال الدين لما كنت أسمعه من تفرده بهذه العلوم، فسافرت إلى الموصل قصد الاجتماع به، فلما حضرت في خدمته وجدته على حلية الحكماء المتقدمين، وكنت


(١) علق على هامش بخط مختلف: ((ولقد كتبت هذه الأبيات في مكتوب إلى أمير الأمراء بالقاهرة حضرة سنان باشا وأصاب فخرها () وذلك في سنة ست وسبعين وتسعمائة)) .
(٢) ق: المتقدمين المتقنين.
(٣) بعض هذا النص ورد في الطالع السعيد نقلا عن المؤلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>