للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بأنفسكم عن نفسي، فيما حظكم فيه أوفر من حظي، وقد بلغكم نا أنشأت هذه الجزيرة من الحور الحسان من بنات اليونان الرافلات في الدر والمرجان، والحلل المنسوجة بالعقيان، المقصورات في قصور الملوك ذوي التيجان، وقد انتخبكم الوليد بن عبد الملك من الأبطال عرباناً (١) ، ورضيكم لملوك هذه الجزيرة أصهاراً وأختاناً، ثقة منه بارتياحكم للطعان، واستماحكم بمجالدة الأبطال والفرسان، ليكون حظه معكم ثواب الله على إعلاء كلمته، وإظهار دينه بهذه الجزيرة، ويكون مغنمها خالصاً لكم من دونه ومن دون المسلمين سواكم، والله تعالى ولي إنجادكم على ما يكون لكم ذكراً في الدارين. واعلموا أني أول مجيب إلى ما دعوتكم إليه، وأني عند ملتقى الجمعين حامل بنفسي على طاغية قومه لذريق فقاتله إن شاء الله تعالى، فاحملوا معي، فإن هلكت بعده فقد كفيتكم (٢) أمره ولن يعوزكم بطل عاقل تسندون أمركم إليه، وإن هلكت قلب وصولي إليه فاخلفوني في عزيمتي هذه، واحملوا بأنفسكم عليه، واكتفوا المهم من فتح هذه الجزيرة بقتله، فإنهم بعده يخذلون.

فلما فرغ طارق من تحريض أصحابه على الصبر في قتال (٣) لذريق وأصحابه وما وعدهم من النيل الجزيل، انبسطت نفوسهم وتحققت آمالهم وهبت ريح النصر عليهم وقالوا: قد قطعنا الآمال مما يخالف ما عزمت عليه، فاحضر إليه فأنا معك وبين يديك. فركب طارق وركبوا وقصدوا مناخ لذريق، وكان قد نزل بمتسع من الأرض، فلما تراءى الجمعان نزل طارق وأصحابه، فباتوا ليلتهم في حرس إلى الصبح.

فلما أصبح الفريقان تلببوا (٤) وعبوا كتائبهم (٥) وحمل لذريق على سريره، وقد رفع على رأسه رواق ديباج يظله، وهو مقبل (٦) في غاية من (٧) البنود والأعلام


(١) ق ص بر من: عزبانا؛ لي: غزيانا.
(٢) ق: كفيتم.
(٣) ص: على قتال؛ بر من: من قتال.
(٤) لي: تلبسوا؛ النفح: تكتبوا.
(٥) ن: كنائنهم؛ بر: مواكبهم.
(٦) ص: متحمل.
(٧) ق: على غاية من؛ من: سقطت من لي.

<<  <  ج: ص:  >  >>