للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذه الأبيات حكاية مستطرفة أحببت ذكرها هاهنا وقد سردها الحافظ أبو عبد الله الحميدي، في كتاب جذوة المقتبس (١) ، وغيره من أرباب تواريخ المغاربة، وهي أن أبا علي الحسن بن الأشكري (٢) المصري قال: كنت رجلاً من جلاس الأمير تميم بن أبي تميم، وممن يخفف عليه جداً - وهذا تميم هو أبو العز بن باديس المذكور في حرف التاء - قال: فأرسلني إلى بغداد، فاتبعت له جارية رائقة فائقةالغناء، فلما وصلت إليه دعا جلساءه، قال: وكنت فيهم، ثم مدت الستارة، وأمرها بالغناء فغنت:

وبدا له من بعد ما اندمل الهوى ... برق تألق موهناً لمعانه

يبدو كحاشية الرداء ودونه ... صعب الذرا متمنع أركانه

فمضى لينظر كيف لاح فلم يطق ... نظراً إليه وصده (٣) سجانه

فالنار ما اشتملت عليه ضلوعه ... والماء ما سمحت به أجفانه وهذه الأبيات ذكرها صاحب الأغاني (٤) للشريف أبي عبد الله محمد بن صالح الحسني، قال ابن الأشكري: فأحسنت الجارية ما شاءت، فطرب الأمير تميم ومن حضر، ثم غنت:

سيسليك عما فات دولة مفضل ... أوائله محمودة وأواخره

ثنى الله عطفيه وألف شخصه ... على البر مذ شدت عليه مآزره قال: فطرب الأمير تميم ومن حضر طرباً شديداً، قال: ثم غنت:

أستودع الله في بغداد لي قمراً ... بالكرخ من فلك الأزرار مطلعه وهذا البيت لمحمد بن زريق الكاتب البغدادي، من جملة قصيدة طويلة.


(١) جذوة المقتبس: ٦٦ - ٦٨ وانظر المطرب: ٦٢.
(٢) ر: الاسبكري، حيثما ورد.
(٣) ر: ورده، وكذلك في الأغاني.
(٤) الأغاني ١٦: ٢٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>