للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الراوي: فاشتد طرب الأمير تميم وأفراط جداً، ثم قال لها: تمني ما شئت، فقال، أتمنى عافية الأمير وسلامته، فقال: والله لا بد أن تتمني، فقالت: على الوفاء أيها الأمير بما أتمنى قال: نعم، فقالت: أتمنى أن أغني بهذه النوبة ببغدادفانتقع لون الأمير تميم وتغير وجهه وتكدر المجلس، وقام وقمنا.

وقال ابن الأشكري: فلقيني بعض خدمه وقال لي: ارجع فالأمير يدعوك، فوجدته جالساً ينتظرني، فسلمت عليه وقمت بين يديه، فقال لي: ويحك، ورأيت ما امتحنا به فقلت: نعم أيها الأمير، فقال: لا بد من الوفاء لها، ولا أثق في هذا بغيرك، فتأهب لتحملها إلى بغداد، فإذا غنت هناك فاصرفها، فقلت: سمعاً وطاعة.

قال: ثم قمت فتأهبت، وأمرها بالتأهب، وأصحبها جارية سوداء له تعادلها وتخدمها، وأمر بناقة ةمحمل، فأدخلت فيه، وجعلتها معي، وصرت إلى مكة مع القافلة وقضينا حجنا، ثم دخلت في قافلة العراق وسرنا، فلما وردنا القادسية أتتني السوداء، وقالت لي: تقول لك سيدتي: أين نحن فقلت لها: نزول القادسية، فانصرفت إليها وأخبرتها، فلم أنشب أن سمعت صوتهاقد ارتفع بالغناء، وغنت الأبيات المذكورة، قال: فتصايح الناس من أقطار القافلة: وأعيدي بالله أعيدي قال: فما سمع لها كلمة. قال: ثم نزلنا الياسرية، وبينها وبين بغداد نحو خمسة أميال في بساتين متصلة، ينزل بها فيبيتون ليلتهم، ثم يبكرون لدخول بغداد. فلما كان وقت الصباح وإذا بالسوداء قد أتتني مذعورة، فقلت: مالك قالت: إن سيدني ليست بحاضرة، فقلت: ويلك، وأين هي قالت: والله ما أدري، قال: فلم أحس لها أثراً بعد ذلك، ودخلت بغداد وقضيت حوائجي منها، وانصرفت إلى الأمير تميم فأخبرته خبرها، فعظم ذلك عليه واغتم له غماً شديداً، ثم ما زال بعد ذلك ذاكراً لها واجماً عليها.

والقادسية: بفتح القاف وبعد الألف دال مهملة مكسورة وسين مكسورة أيضاً وبعدها ياء مثناة من تحتها مشدودة ثم هاء ساكنة، وهي قرية فوق الكوفة

<<  <  ج: ص:  >  >>