للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناس منطقاً وأحلامهم نغمة.

وذكر الخطيب في تاريخه (١) أن أبا حنيفة رأى في المنام كأنه ينبش قبر الرسول صلى الله عليه وسلم، فبعث من سأل ابن سيرين، فقال ابن سيرين: صاحب هذه الرؤيا يثور (٢) علماُ، لم يسبقه أحد قبله.

قال الشافعي (٣) ، رضي الله عنه، قيل لمالك: هل رأيت أبا حنيفة فقال: نعم، رأيت رجلاً لو كلمك في هذه السارية أن يجعلها ذهباً لقام بحجته.

وروى حرملة بن يحيى عن الشافعي رضي الله عنه أنه قال (٤) : الناس عيال على هؤلاء الخمسة، من أراد أن يتبحر في الفقه فهو عيال على أبي حنيفة، وكان أبو حنيفة ممن وفق له الفقه، ومن أراد أن يتبحر في الشعر فهو عيال على زهير بن أبي سلمى، ومن أراد أن يتبحر في المغازي فهو عيال على محمد بن إسحاق، ومن أراد أن يتبحر في النحو فهو عيال على الكسائي، ومن أراد أن يتبحر في التفسير فهو عيال على مقاتل بن سليمان، هكذا نقله الخطيب في تاريخه.

وقال يحيى بن معين: القراءة عندي قراءة حمزة، والفقه فقه أبي حنيفة على هذا أدركت الناس. وقال جعفر بن الربيع: أقمت على أبي حنيفة خمس سنين، فما رأيت أطول صمتاً منه، فإذا سئل عن الفقه تفتح وساهل كالوادي، وسمعت له دوياً وجهارة في الكلام.

وكان إماماً في القياس؛ قال علي بن عاصم (٥) : دخلت على أبي حنيفة وعنده حجام يأخذه من شعره، فقال للحجام: تتبع مواضع البياض، فقال الحجام: لا تزد، فقال: ولم قال لأنه يكثر، قال فتتبع مواضع السواد لعله يكثر، وحكيت لشريك هذه الحكاية فضحك وقال: لو ترك أبو حنيفة قياسه لتركه مع الحجام.


(١) تاريخ بغداد ١٣: ٣٣٥.
(٢) ق: يثير.
(٣) تاريخ بغداد ١٣: ٣٣٧ - ٣٣٨.
(٤) تاريخ بغداد ١٣: ٣٤٦.
(٥) تاريخ بغداد ١٣: ٧٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>