للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" وحكى الحسن بن زياد قال: دفن رجل مالاً في موضع، ثم نسي في أي موضع دفنه فلم يقع عليه، فجاء إلى أبي حنيفة فشكا إليه فقال له أبو حنيفة: ما هذا فقه فأحتال لك، ولكن اذهب فصل الليلة، ففعل الرجل، ولم يقم إلا أقل من ربع الليل حتى ذكر الموضع، فجاء إلى أبي حنيفة فأخبره، فقال له: قد علمت أن الشيطان لا يدعك تصلي حتى يذكرك، فهلا أتممت ليلتك شكراً لله عزوجل.

وقال ابن شبرمة: كنت شديد الازراء على أبي حنيفة، فحضرالموسم وكنت حاجاً يومئذ، فاجتمع إليه قوم يسألونه، فوقفت من حيث لا يعلم من أنا، فجاءه رجل فقال: يا أبا حنيفة: قصدتك أسألك عن أمر أهمني وأزعجني قال: وما هو قال: لي ولد وليس لي غيره، فإن زوجته طلق، وإن سريته أعتق، وقد عجزت عن هذا فهل من حيلة قال له: نعم اشتر الجارية التي يرضاها لنفسه ثم زوجها منه، فإن طلق رجعت إليك مملوكتك وإن أعتق أعتق ما لايملك، وإن ولدت ثبت نسبه لك، فامت أن الرجل فقيه من يومئذ وكففت عن ذكره إلا بخير " (١) .

وقال ابن المبارك أيضاً: قلت لسفيان الثوري: يا أبا عبد الله، ما أبعد أبا حنيفة عن الغيبة، ما سمعته يغتاب عدواً له قط، فقال: هو أعقل من أن يسلط على حسناته ما يذهبها (٢) .

وقال أبو يوسف (٣) : دعا أبو جعفر المنصور أبا حنيفة، فقال الربيع صاحب المنصور، وكان يعادي أبا حنيفة: يا أمير المؤمنين، هذا أبو حنيفة يخالف جدك، كان عبد الله بن عباس رضي الله عنهما يقول: إذا حلف على اليمين ثم استثنى بعد ذلك بيوم أو بيومين جاز الإستثناء، وقال أبو حنيفة: لا يجوز الاستثناء إلا متصلاً باليمين، فقال أبو حنيفة: يا أميرالمؤمنين، إن الربيع يزعم أنه ليس لك في رقاب جندك بيعة، قال: وكيف قال: يحلفون لك


(١) زيادة انفردت بها ر.
(٢) وقال ابن المبارك ... يذهبها: سقط من ع.
(٣) تاريخ بغداد: ٣٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>