للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يزل أبو الحسن المذكور مستمراً على أحكامه، وافر الحرمة عند العزيز، حتى أصابته الحمى وهو بالجامع ينظر في الأحكام، فقام من وقته ومضى إلى داره، وأقام عليلاً أربعة عشر يوماً، وتوفي في الإثنين لست خلون من رجب (١) سنة أربع وسبعين وثلثمائة، وأخرج تابوته من الغد إلى العزيز وهو معسكر بسطح الجب عند الموضع المعروف الآن بالبركة، فوضع التابوت بالمسجد المعروف بالبئر والجميزة، وسار العزيز إليه من مخيمه حتى وصل عليه في المسجد، وردت الجنازة إلى داره بالحمراء فدفن فيها.

والحمراء: محلة بمصر، وهي ثلاث حمراوات، وإنما قيل لها الحمراء لنزول الروم بها.

وأرسل العزيز إلى أخيه أبي عبد الله محمد - المذكور في هذه الترجمة - وكان ينوب عن أخيه أبي الحسن كما ذكرنا، فقال له: إن القضاء لك من بعد أخيك، ولا تخرجه عن هذا البيت.

وكانت مدة ولاية أبي الحسن تسع سنين وخمسة أشهر وأربعة أيام. وكانت ولادته بالمغرب، في شهر ربيع الأول سنة تسع وعشرين وثلثمائة، رحمه الله تعالى.

(٢٨٩) وأقامت مصر بغير قاض ينظر فيها ثمانية عشر يوماً لأن أبا عبد الله مان مريضاً، ثم أخف عنه المرض فركب في وقته إلى معسكر العزيز يوم الخميس لثمان بقين من رجب، ثم عاد من عنده إلى الجامع العتيق بمصر في يوم الجمعة وقد قلده العزيز القضاء وخلع عليه وقلده سفياً، فلم يقدر على النزول في الجامع لضعفه من العلة، فسار إلى داره، ونزل ولده وجماعة من أهل بيته إلى الجامع العتيق بمصر، وقرىء سجله بعد صلاة الجمعة، وكان مثل سجل أخيه أبي الحسن في جميع ولايته.

وفي ذي القعدة سنة أربع وسبعين وثلثمائة استخلف ولده أبا القاسم عبد العزيز على القضاء بالإسكندرية بأمر العزيز، وخلع عليه العزيز.

وفي يوم الجمعة مستهل جمادى الأولى سنة خمس وسبعين عقد القاضي محمد بن النعمان المذكور نكاح ولده أبي القاسم عبد العزيز المذكور على ابنة القائد أبي


(١) بر: سادس شهر رجب.

<<  <  ج: ص:  >  >>