الحسن جوهر - المقدم ذكره في حرف الجيم - وكان العقد في مجلس العزيز ولم يحضره إلا خواصه، وكان الصداق ثلاثة آلاف دينار، والكتاب ثوباً مصمتاً.
وكان المعز أبو تميم معد والد العزيز المذكور قد تقدم وهو بالمغرب إلى القاضي أبي حنيفة النعمان المذكور في أول الترجمة بعمل اسطرلاب فضة، وأن يجلس مع الصائغ أحد ثقاته، فأجلس أبو حنيفة ولده المذكور محمداً، فلما فرغ الاسطرلاب حمله أبو حنيفة إلى المعز، فقال له: من أجلست معه فقال: ولدي محمداً، فقال: هو قاضي مصر، فكان كما قال، لأن المعز كانت تحدثه نفسه أبداً بأخذ مصر، فلهذا تلفظ بهذا الكلام، ورافقته السعادة مع المقادير.
وقال القاضي محمد المذكور: كان المعز إذا رآني وأنا صبي بالمغرب يقول لولده العزيز: هذا قاضيك. وكان محمد جيد المعرفة بالأحكام مفنناً في علوم كثيرة حسن الأدب والدراية بالأخبار والشعر وأيام الناس، وله شعر، فمن ذلك قوله:
أيا مشبه البدر بدر السماء ... لسبع وخمسٍ مضت واثنتين
ويا كامل الحسن في نعته ... شغلت فؤادي وأسهرت عيني
فهل لي من مطمعٍ أرتجيه ... وإلا انصرفت بخفي حنين
ويشمت بي شامت في هواك ... ويفصح لي ظلت صفر اليدين
فإما مننت وإما قتلت ... فأنت القدير على الحالتين وكتب إليه عبد الله بن الحسن الجعفري السمرقندي:
تعادلت القضاة علاً فأما ... أبو عبد الإله فلا عديل
وحيدٌ في فضائله غريبٌ ... خطيرٌ في مفاخرة جليل
تألق بهجةً ومضى اعتزاماً ... كما يتألق السيف الصقيل
فيقضي والسداد له حليف ... ويعطي والغمام له رسيل
لو اختبرت قضاياه لقالوا ... يؤيده عليها جبرئيل
إذا رقي المنابر فهو قس ... وأن حضر المشاهد فالخليل فكتب إليه القاضي محمد المذكور: