للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قرأنا من قريضك ما يروق ... بدائع حاكها طبعٌ رقيق

كأن سطورها روضٌ أنيقٌ ... تضوع بينها مسكٌ فتيق

إذا ما أنشدت أرجت وطابت ... منازلها بها حتى الطريق

وإنا تائقون إليك فاعلم ... وأنت إلى زيارتنا تتوق

فواصلنا بها في كل يومٍ ... فأنت بكل مكرمةٍ حقيق وقال ابن زولاق في " أخبار قضاة مصر ": ولم نشاهد بمصر لقاض من القضاة من الرياسة ما شاهدناه (١) لمحمد بن النعمان، ولا بلغنا ذلك عن قاض بالعراق، ووافق ذلك استحقاقاً، لما فيه من العلم والصيانة والتحفظ وإقامة الحق والهيبة.

وفي المحرم سنة ثلاث وثمانين وثلثمائة استخلف ولده أبا القاسم عبد العزيز المذكور في الأحكام بالقاهرة ومصر على الدوام، بعد أن كان ينظر فيها يوم الإثنين والخميس لا غير، فصار يسمع البينات ويحكم ويسجل، وكان يخلفه أولاً ولد أخيه، وهو أبو عبد الله الحسين بن علي بن النعمان، فصرفه لعشر خلون من جمادى الأولى سنة سبع وسبعين، واستخلف ولده أبا القاسم عبد العزيز المذكور في الإثنين والخميس خاصة.

وارتفعت رتبة القاضي محمد عند العزيز حتى أصعده معه إلى المنبر يوم عيد النحر سنة خمي وثمانين، ولما توفي العزيز في الناريخ المذكور في ترجمته تولى غسله القاضي محمد المذكور، وقام بالأمر من بعده ولده الحاكم - المقدم ذكره - فأقر القاضي محمداً على أشغاله، وزادت منزلته عنده رفعة وبسط يده.

ولما حصلت له المنزلة والمكنة من الدولة كثرت علله ولازمه النقرس والقولنج، فكان أكثر أوقاته عليلاً، والأستاذ أبو الفتوح براجوان - المقدم ذكره - على جلالته وعظم شأنه يعوده كل وقت، ثم تزايدت علته وتوفي ليلة الثلاثاء بعد العشاء الآخرة رابع صفر سنة تسع وثمانين وثلثمائة؛ وركب الحاكم إلى داره بالقاهرة، وصلى عليه فيها ووقف على دفنه ثم انصرف إلى قصره.


(١) ق ر: ما شهدناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>