للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: هي عمة هذا، وأشار إلى معاوية، وكانت عمته أم جميل بنت حرب بن أمية بن عبد مناف زوجة أبي لهب بن عبد العزى، وهي المشار إليها في هذه السورة، فكان ذلك من الأجوبة المسكتة (١) .

ويقرب من هذا أيضاً أن بعض الملوك حاصر بعض البلاد، وكان معه عساكر عظيمة بكثرة الرجال والخيل والعدد، فكتب الملك المحاصر إلى صاحب البلد كتاباً يشير إليه بأنه يسلم البلد إليه ولا يقاتله، وذكر ما جاء به من الرجال والأموال والآلات، ومن جملة الكتاب قوله تعالى: (حتى إذا أتوا على وادي النمل قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون) (النمل:١٨) فلما وصل الكياب إلى صاحب البلد وتأمله وقرأه على خواصه قال: من يجاوب عن هذا فقال بعض الكتاب: تكتب إليه (فتبسم ضاحكاً من قولها) (النمل:١٩) فاستحسن الحاضرون جوابه.

ومثل هذا أيضاً ما حكاه ابن رشيق القيرواني في كتاب " الأنموذج " (٢) وهو أن عبد الله بن إبراهيم ابن المثنى الطوسي المعروف بابن المؤدب المهدوي الأصل القيرواني البلد الشاعر المشهور، كان مغرى بالسياحة وطلب الكيمياء والأحجار، وكان محروماً مقتراً عليه متلافاً إذا أفاد شيئاً، فخرج مرة يريد جزيرة صقلية، فأسره الروم في البحر، وأقام مدة طويلة إلى أن هادن ثقة الدولة يوسف بن عبد الله بن محمد بن أبي الحسين القضاعي صاحب صقلية الروم وبعث إليه بالأسرى، فكان عبد الله فيمن بعث، فامتدح عبد الله المذكور ثقة


(١) علق صاحب المختار في هذا الموضع بقوله: " قلت، أعني كاتبها موسى بن أحمد لطف الله به: ومثل هذا ما روي أن الوليد بن عبد الملك استعمل أخاه مسلمة بن عبد الملك على مصر فتوجه إليهما ثم عزله عنها بعد حول، فلما رجع إلى دمشق خرج الوليد في موكبه لتلقيه فرأى رحل مسلمة وقد تقدمه على ألف بعير، ولم يكن كذلك عند توجهه إلى مصر، فقال الوليد لبعض خواصه وأشار إلى الجمال (أيتها العير إنكم لسارقون) فلما التقى بمسلمة بلغ مسلمة ما قاله الوليد فالتفت إليه وقال (إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل) والله أعلم ".
(٢) ق ع: النموذج؛ وانظر مسالك ابصار ١١ الورقة ٣٤٧ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>