للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد سبقت هذه الحكاية في ترجمة الكسائي ونبهت عليها ثم بما ذكرته هاهنا.

وكان الفراء لا (١) يميل إلى الاعتزال؛ وحكى سلمة بن عاصم عن الفراء قال: كنت أنا وبشر المريسي - المقدم ذكره - في بيت واحد عشرين سنة، ما تعلم مني شيئاً ولا تعلمت منه شيئاً؛ وقال الجاحظ: دخلت بغداد حين قدمها المأمون في سنة أربع ومائتين، وكان الفراء يحبني، وأشتهي أن يتعلم شيئاً من علم الكلام، فلم يكن له فيه طبع.

وقال أبو العباس ثعلب: كان الفراء يجلس الناس في مسجده إلى جانب منزله، وكان يتفلسف في تصانيفه حتى يسلك في ألفاظه كلام الفلاسفة.

وقال سلمة بن عاصم: إني لأعجب من الفراء كيف كان يعظم الكسائي وهو أعلم بالنحو منه.

وقال الفراء: أموت وفي نفسي شيء (٢) من " حتى "، لأنها تخفض وترفع وتنصب.

ولم ينقل من شعره غير هذه الأبيات وقد رواها أبو حنيفة الدينوري عن أبي بكر الطوال وهي:

يا أميراً على جريبٍ من الأر ... ض له تسعة من الحجاب

جالساً في الخراب يحجب فيه ... ما سمعنا بحاجب في خراب

لن تراني لك العيون ببابٍ ... ليس مثلي يطيق رد الحجاب (٣) ثم وجدت هذه الأبيات لابن (٤) موسى المكفوف، والله أعلم بالصواب.

ومولد الفراء بالكوفة، وانتقل إلى بغداد وجعل أكثر مقامه بها، وكان شديد طلب المعاش لا يستريح في بيته، وكان يجمع طوال السنة، فإذا كان في


(١) سقطت " لا " من بعض النسخ.
(٢) شيء: سقطت من أكثر النسخ.
(٣) ص ق ر: الجواب.
(٤) ن: لأبي، وسقط التعليق كله من س.

<<  <  ج: ص:  >  >>