للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثلاثة أبيات، والثاني منهما بعد الأول:

فتى غير محجوب الغنى عن صديقه ... ولا مظهر الشكوى إذا النعل زلت ولما أنشد عون الدين هذين البيتين غير نصف البيت الثاني منهما فإن الشاعر قال:

فكانت قذى عينيه حتى تجلت ... فلما رأى أنه يخاطب الخليفة بهذه العبارة فغيره تأدباً.

ثم إن عون الدين خرج فقدم له حصان أدهم سائل الغرة محجل، وعليه من الحلي ما جرت به عادتهم مع الوزراء، والشرح ذلك يطول فاختصرته، وخرج بين يديه أرباب المناصب وأعيان الدولة وأمراء الحضرة وجميع خدام الخلافة وسائر حجاب الديوان، والطبول تضرب أمامه، والمسند وراءه محمول على عادتهم في ذلك، حتى دخل الديوان ونزل على طرف الديوان وجلس في الدست، وقام لقراءة عهده الشيخ سديد الدولة أبو عبد الله محمد بن عبد الكريم بن الأنباري، ولولا خوف الإطالة لذكرت العهد فإنه بديع في بابه، لكن قصدي الاقتصار فأعرضت عن ذكره، وهو مشهور في أيدي الناس، فلما فرغ من قراءته قرأ القراء وأنشد الشعراء، وتولى الوزارة يوم الأربعاء ثالث عشر ربيع الآخر من سنة أربع وأربعين وخمسمائة، وكان لقبه جلال الدين، فلما ولي الوزارة لقبوه عون الدين.

وكان عالماً فاضلاً ذا رأي صائب وسريرة صالحة، وظهر منه في أيام ولايته ما شهد له بكفايته وحصن مناصحته، فشكر له ذلك ولحظه بعين الرعاية وتوفرت له أسباب السعادة، وكان مكرماً لأهل العلم يحضر مجلسه الفضلاء على اختلاف فنونهم، ويقرأ عنده الحديث عليه وعلى الشيوخ بحضوره، ويجري من البحث والفوائد ما يكثر ذكره.

وصنف كتباً، فمن ذلك كتاب " الإفصاح عن شرح معاني الصحاح " وهو يشتمل على تسعة عشر كتاباً، شرح الجمع بين الصحيحين وكشف عما فيه من الحكم النبوية، وكتاب " المقتصد " بكسر الصاد المهملة، وشرحه أبو

<<  <  ج: ص:  >  >>