الحجاز والبلاد المجدية، لقلة الأقوات عندهم، فقد استعمل صاحب هذا اللغز لفظة النوى في هذين المعنيين، وهذه هي التورية، وقوله " وانطوى على الخوى " فالخوى هو الخلو، وإذا كان فارغ الجوف فهو خاوٍ، وقوله " وإن أشبعته قبل قدمك " مراده بالإشباع هنا لبس الدملج، فإن صاحبه إذا لبسه فقد ملأ جوفه، ويكون فوق القدم فكأنه يقبله. وقوله " وصحب خدمك " فيه تورية أيضاً فإن الخدم جمع خادم، وهذا الجمع قليل الاستعمال لهذا الواحد فإنه لا يقال فاعل وجمعه فعل إلا في ألفاظ مسموعة مثل خادم وخدم وغائب وغيب، وحارس وحرس، وجامد وجمد، وغير ذلك، فهو موقوف على السماع، وخدم جمع خدمة أيضاً، وهو سير يشد في رسغ البعير تشد إليه سريحة النعل وبه سمي الخلخال خدمة لأنه ربما كان من سيور يركب فيه الذهب والفضة ويجمع على خدام أيضاً. وقوله " وإن غلفته ضاع " هذا فيه تورية أيضاً، فإن التغليف أن يجعل للشيء غلافاً، والتغليف استعمال الطيب أيضاً. وقوله " ضاع " فيه تورية أيضاً، فإنه يقال ضاع الشيء من الضياع، وضاع الطيب إذا عبقت رائحته. وقوله " وإن أدخلته السوق أبى أن يباع " فالسوق جمع ساق، وفيه التورية أيضاً لأن السوق موضع البيع والشراء، والسوق كما ذكرناه. وقوله " أبى أن يباع " لأن العادة أنه لا يباع إلا إذا أخرج من العضو الذي هو فيه، ولا يباع قبل إخراجه، فكأنه قبل الإخراج أبى البيع، وقوله " وإن أظهرته جمل المتاع، وأحسن الإمتاع " فهذا ظاهر لا حاجة له إلى تفسير. وقوله " وإن شددت ثانيه " وهو الميم، و " حذفت منه القافية " وهي الجيم، فيبقى الدمل، وهو يكدر الحياة بألمه، ويوجب التخفيف في الصلاة للألم أيضاً. وقوله " وأحدث في وقت العصر الضجر " فالعصر فيه التورية أيضاً، لأنه اسم الصلاة، وهو مصدر لفعل عصر، وكذلك الفجر، لأنه اسم للصبح وهو مصدر لفعل فجر، فالإنسان في وقت عصر الدمل يحصل له الضجر والقلق وإذا فجره وخلص منه حصل له الخدر والراحة. وقوله " وجمع بين حسن العقبى وقبح الأثر " فقصد المقابلة بين الحسن والقبح، ولا شك أن عقبى انفجار الدمل حسنة، وإن كان الأثر الذي يبقى في المكان قبيحاً. وقوله