للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه حية فلم يدفعها عن نفسه، فقال له أبوه: ضيعت العقل من حيث حفظت الشجاعة.

ولما خرج عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس الكندي على الحجاج، وقصته المشهورة، أتى تستر فاجتمع إليه جماعة، فذكروا يوماً آل المهلب ووقعوا فيهم، فقال عبد الرحمن لحريش بن هلال القريعي، وكان في القوم: ما لك يا أبا قدامة لا تتكلم فقال: والله ما أعلم أحداً أصون لنفسه في الرخاء ولا أبذل لها في الشدة منهم.

وقدم عبد الرحمن بن سليم الكلبي على المهلب، فرأى بنيه قد ركبوا عن آخرهم، فقال: أنس الله الإسلام بتلاحقكم، أما والله لئن لم تكونوا أسباط نبوة إنكم أسباط ملحمة.

ومات ابن لحبيب بن المهلب بن أبي صفرة، فقدم أخاه يزيد ليصلي عليه، فقيل له: أتقدمه وأنت أسن منه والميت ابنك فقال: إن أخي قد شرفه الناس وشاع فيهم له الصيت، ورمته العرب بأبصارها، فكرهت أن أضع منه ما رفعه الله تعالى.

ونظر مطرف بن عبد الله بن الشخير إلى يزيد بن المهلب وهو يمشي وعليه حلة يسحبها، فقال له: ما هذه المشية التي يبغضها الله ورسوله فقال يزيد: أما تعرفني فقال: بلى، أولك نطفة مذرة، وآخرك جيفة قذرة، وأنت بين ذلك حامل عذرة، قلت: وقد نظم هذا المعنى أبو محمد عبد الله بن محمد البسامي الخوارزمي فقال:

عجبت من معجبٍ بصورته ... وكان من قبل نطفة مذره

وفي غدٍ بعد حسن صورته ... يصير في الأرض جيفة قذره

وهو على عجبه ونخوته ... ما بين ثوبيه (١) يحمل العذره (٣٣١) وذكر الحافظ المعروف بابن عساكر في تاريخه الكبير في ترجمة أبي خداش مخلد بن يزيد بن المهلب أن مخلداً أحد الأسخياء الممدوحين، وفد على


(١) ر بر من: جنبيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>