للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكلهم قد نال شبعاً لبطنه ... وشبع الفتى لؤم إذا جاع صاحبه

فيا عمِّ مهلاً واتخذني لنوبة ... تنوب فإن الدهر جمٌّ نوائبه

أنا السيف إلا أن للسيف نبوةً ... ومثلي لا تنبو عليك مضاربه

على أي بابٍ الإذن بعد ما ... حجبت عن الباب الذي أنا حاجبه رجعنا إلى تتمة كلام الطبري:

وكان المهلب يوم مات المغيرة مقيماً بكش وراء النهر لحرب أهلها، فسار يزيد في ستين فارساً، فلقيهم خمسمائة من الترك في المفازة، وحاصل الأمر أنه بينهم قتال شديد، ورمي يزيد في ساقه، ثم إن المهلب صالح أهل كش على فدية وانصرف عنهم متوجهاً إلى مرو، فلما وصل إلى زاغول، قرية من أعمال مرو الروذ، أصابته الشوصة، فدعا ولده حبيباً ومن حضر من ولده، ودعا بسهام فحزمت، وقال: أفترونكم كاسريها مجتمعة فقالوا: لا، قال: أفترونكم كاسريها مفترقة (١) قالوا: نعم، قال: هكذا الجماعة، ثم أوصاهم وصية طويلة لا حاجة إلى ذكرها (٢) ، ثم قال في آخرها: وقد استخلفت يزيد، وجعلت حبيباً على الجند حتى يقدم بهم على يزيد، فلا تخالفوا يزيد، فقال له ولده المفضل: لو لم تقدمه لقدمناه، ومات المهلب - حسبما شرحناه في ترجمته - وأوصى إلى حبيب، فصلى عليه حبيب ثم ساروا إلى مرو، فكتب يزيد إلى عبد الملك بوفاة المهلب واستخلافه إياه، فأقره الحجاج، ثم إنه عزله في سنة خمس وثمانين واستعمل أخاه المفضل.

وكان سبب (٣) ذلك أن الحجاج وفد على عبد الملك فمر في منصرفه بدير فنزله، فقيل له: إن بهذا الدير شيخاً من أهل الكتب عالماً فدعا به وقال: يا شيخ، هل تجدون في كتبكم ما أنتم فيه ونحن فقال: نعم، نجد ما مضى


(١) ق ر س: متفرقة.
(٢) الوصية في الطبري ٢: ١٠٨٢.
(٣) انظر الطبري ٢: ١١٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>