للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعروفة بالدريدية بقوله:

وقد سما قبلي يزيد طالباً ... شأو العلا فما وهى ولا وّنى وكل من شرح الدريدية تكلم على هذا البيت وشرح قصته.

وكانت إقامة يزيد بن المهلب منذ اجتمع هو ومسلمة بن عبد الملك ثمانية أيام، حتى إذا كان يوم الجمعة لأربع عشرة مضت من صفر سنة اثنتين ومائة (١) أمر مسلمة أن تحرق السف فأحرقت، والتقى الجمعان وشبت الحرب، فلما رأى الناس الدخان قيل لهم: أحرق الجسر، انهزموا، فقيل ليزيد: قد انهزم الناس، فقال: مم انهزموا فقيل له: أحرق الجسر فلم يلبث أحد، فقال: قبحهم الله بقٌّ دخِّن عليه فطار. وكان يزيد لا يحدث نفسه بالفرار، وجاءه من أخبره أن أخيه حبيباً قد قتل فقال: لا خير في العيش بعد حبيب، قد كنت والله أبغض الحياة بعد الهزيمة فوالله ما ازددت لها إلا بغضاً، امضوا قدماً، قال: أصحابه: فعلمنا أن الرجل قد استقتل. وأخذ من يكره القتال ينكص، وأخذوا يتسالون (٢) ، وبقيت معه جماعة حسنة، وهو يزدلف، فكلما مر بخيل كشفها أو جماعة من أهل الشام عدلوا عنه وعن سنن أصحابه، فجاء أبو رؤبة المرجئ وقال: ذهب الناس، فهل لك أن تنصرف إلى واسط فإنها حصن تنزلها ويأتيك أهل البصرة ويأتيك أهل عمان والبحرين في السفن وتضرب خندقاً فقال له: قبح الله رأيك، ألي تقول ذا الموت أيسر علي من ذلك، فقال له: فغني أتخوف عليك، أما ترى ما حولك من جبال الحديد فقال له: فأنا أباليها أجبال حديد كانت أم جبال نار اذهب عنا إن كنت لا تريد قتالاً معنا.

وأقبل على مسلمة لا يريد غيره، حتى إذا دنا منه دعا مسلمة بفرسه ليركبه، فعطفت عليه خيول أهل الشام وعلى أصحابه، فقتل يزيد بن المهلب، وقتل معه أخوه محمد وجماعة من أصحابه، وقال القحل - بفتح القاف وسكون الحاء


(١) متابع للطبري ٢: ١٤٠٢ وما بعدها.
(٢) كذا في المسودة؛ وفي النسخ: يتسللون.

<<  <  ج: ص:  >  >>