للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قال له القوم (١) : ويحك، إنا لا نراك تقتلنا إلا أن أباك قد قتل، ثم أقبل حتى أتى البصرة معه المال والخزائن، وجاء المفضل بن المهلب، واجتمع جميع أهل المهلب بالبصرة وقد كانوا يتخوفون الذي كان، فأعدوا السفن البحرية وتجهزوا بكل الجهاز. وأراد معاوية بن يزيد أن يتأمر على آل المهلب، فاجتمعوا وأمروا عليهم المفضل بن المهلب. وقالوا: المفضل أكبرنا سناً، وإنما أنت غلام حدث (٢) السن كبعض فتيان أهلك، فلم يزل المفضل عليهم حتى خرجوا إلى كرمان، وبكرمان فلول كثيرة، فاجتمعوا إلى المفضل، وبعث مسلمة بن عبد الملك في طلب آل المهلب وطلب الفلول، فأدركوهم في عقبة بفارس، فاشتد قتالهم، فقتل المفضل وجماعة من خواصه، ثم قتل آل المهلب من عند (٣) آخرهم، إلا أبا عيينة وعثمان بن المفضل فإنهما نجوا ولحقا بخاقان ورتبيل، وبعث مسلمة برؤوسهم إلى أخيه يزيد وهو على حلب، فلما نصبوا خرج لينظر إليهم، فقال لأصحابه: هذا رأس عبد الملك، هذا رأس المفضل، والله لكأنه جالس معي يحدثني.

وقال غير الطبري: لما حمل رأس يزيد بن المهلب إلى يزيد بن عبد الملك نال منه بعض جلسائه، فقال له: مه إن يزيد طلب جسيماً، وركب عظيماً، ومات كريماً.

ولما فرغ مسلمة من حرب آل المهلب جمع له أخوه يزيد ولاية الكوفة والبصرة وخراسان في هذه السنة.

ولما قتل يزيد بن المهلب رثاه شاعره ثابت قطنة بمراثٍ كثيرة حسنة، منها قوله:

كل القبائل بايعوك على الذي ... تدعو إليه وتابعوك وساروا

حتى إذا اشتجر القنا وتركتهم ... وهن الأسنة أسلموك وطاروا


(١) الطبري ٢: ١٤٠٩.
(٢) ر والطبري: حديث.
(٣) كذا في المسودة؛ وفي النسخ: عن آخرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>