للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم يدخل فيدعم جماعة من خواصه وأعيان الناس، ويدعو بالغداء فيتغدى ويضع منديلاً على صدره، ويعظم اللقم ويتابع، فإذا فرغ من الغداء تفرق من كان عنده، ودخل إلى نسائه، حتى يخرج إلى صلاة الظهر، ثم ينظر بعد الظهر في أمور الناس، فإذا صلى العصر وضع له سرير ووضعت الكراسي للناس، فإذا أخذ الناس مجالسهم أتوهم بعساس اللبن والعسل وألوان الأشربة - قلت: والعساس، بكسر العين، جمع عس، وقد تقدم الكلام عليه - ثم توضع السفرة والطعام للعامة ويوضع له ولأصحابه خوان مرتفع، فيأكل معه الوجوه إلى المغرب، ثم يفرقون للصلاة، ثم تأتيه سماره فيحضرون مجلساً يجلسون فيه حتى يدعوهم فيسامروه حتى يذهب عامة الليل. وكان يسأل في كل ليلة عشر حوائج، فإذا أصبحوا قضيت، وكان رزقه ستمائة ألف درهم، فكان يقسم كل شهر في أصحابه من قومه ومن الفقهاء والوجوه وأهل البيوتات، فقال عبد الله بن شبرمة الضبي القاضي الفقيه الكوفي وكان من سماره:

إذا نحن أعتمنا ومال بنا الكرى ... أتانا بإحدى الراحتين عياض وعياض بوابه، وإحدى الراحتين: الدخول أو الانصراف، ولم يكن له منديل، فكان إذا دعا بالمنديل قام الناس.

وقال شيخ من قريش: أذن يزيد بن عمر بن هبيرة في يوم صائف شديد الحر للناس، فدخل (١) عليه وعليه قميص خلق مرقوع الجيب، فجعلوا ينظرون إليه ويعجبون منه، ففطن لهم، فتمثل بقول إبراهيم بن هرمة (٢) :

قد يدرك الشرف الفتى ورداؤه ... خلق وجيب قميصه مرقوع [وحكي أن شريك بن عبد الله النميري سايره يوماً فبدرت دابة شريك فقال له يزيد: غض من لجامها، فقال شريك: إنها مكتوبة أصلح الله الأمير، فقال


(١) ر والمختار: فدخلوا.
(٢) زاد في المختار الشاعر المشهور.

<<  <  ج: ص:  >  >>