للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال له هارون الرشيد يوماً: يا يزيد، إني قد أعددتك لأمر كبير، فقال: يا أمير المؤمنين، إن الله تعالى قد أعد لك مني قلباً معقوداً بنصيحتك، ويداً مبسوطة لطاعتك (١) ، وسيفاً مشحوذاً على عدوك، فإذا شئت فقل. وذكر المسعودي في كتاب " مروج الذهب ومعادن الجوهر " (٢) أن هذه المقالة دارت بين هارون الرشيد ومعن بن زائدة عم يزيد المذكور، ثم قال بعد هذا: وقيل إن هذا الكلام من كلام يزيد بن مزيد.

قلت أنا: وهذا لا يمكن أن يكون بين الرشيد ومعن أصلاً، لأن معناً قتل في خلافة أبي جعفر المنصور - حسبما تقدم ذكره في ترجمته - على الاختلاف في السنة، وهو بعد الخمسين ومائة، فكيف يمكن أن يقول له الرشيد ذلك والرشيد ولي الخلافة في سنة سبعين ومائة

وذكر ابن أبي عون (٣) في كتاب " الأجوبة المسكتة " أن الرشيد قال ليزيد المذكور في لعب الصوالجة: كن مع عيسى بن جعفر، فأبى يزيد فغضب الرشيد وقال: تأنف أن تكون معه فقال: قد حلفت لأمير المؤمنين أن لا أكون عليه في جد ولا هزل.

ورأيت في بعض المجاميع حكاية عن بعضهم أنه قال: كنت مع يزيد بن مزيد، فإذا صائح في الليل: يا يزيد بن مزيد، فقال يزيد: علي بهذا الصائح، فلما جيء به قال له: ما حملك على أن (٤) ناديت بهذا الاسم فقال: نفقت دابتي ونفدت نفقتي، وسمعت قول الشاعر فتيمنت به، فقال: وما قال الشاعر فأنشد:

إذا قيل من للمجد والجود والندى ... فناد بصوتٍ يا يزيد بن مزيد فلما سمع يزيد مقالته هش له وقال له: أتعرف يزيد بن مزيد قال: لا والله، قال: أنا هو، وأمر له بفرسٍ أبلق (٥) كان معجباً به وبمائة دينار.


(١) المختار: بطاعتك.
(٢) المروج ٣: ٣٦٠.
(٣) في المسودة: ابن عون.
(٤) أن: سقطت من المسودة.
(٥) أبلق: سقطت من المختار.

<<  <  ج: ص:  >  >>