وقد أطلنا القول في هذه الترجمة، لكن الكلام شجون يتعلق بعضه ببعض، ومحاسن يزيد كثيرة، وتوفي في سنة خمس وثمانين ومائة، ورثاه أبو محمد عبد الله بن أيوب التيمي الشاعر المشهور، وقيل بل هذه المرثية لأبي الوليد مسلم بن الوليد الأنصاري الشاعر المذكور، والصحيح أنها للتيمي المذكور، وهي (١) :
أحقاً أنه أودى يزيد ... تبيّن أيها الناعي المشيد
أتدري من نعيت وكيف فاهت ... به شفتاك كان بها الصعيد
أحامي المجد والإسلام أودى ... فما للأرض ويحك لا تميد
تأمل هل ترى الإسلام مالت ... دعائمه وهل شاب الوليد
وهل شيحت سيوف بني نزار ... وهل وضعت عن الخيل اللبود
وهل تسقي البلاد ثقال مزن ... بدرتها وهل يخضر عود
أما هدُّت لمصرعه نزار ... بلى، وتقوض المجد المشيد
وحل ضريحه إذا حل فيه ... طريف المجد والحسب التليد
أما والله ما تنفك عيني ... عليك بدمعها أبداً تجود
وإن تجمد دموع لئيم قوم ... فليس لدمع ذي حسب جمود
أبعد يزيد تحزن البواكي ... دموعاً أو يصان لها حدود
لتبكك قبة الإسلام لما ... وهت أطنابها ووهى العمود
ويبكي شاعر لم يبق دهر ... له نشباً وقد كسد القصيد
فإن يهلك يزيد فكل حي ... فريس للمنية أو طريد
لقد عزى ربيعة أن يوماً ... عليها مثل يومك لا يعود قلت: وهذا البيت الأخير قد استعمله الشعراء كثيراً، فمن ذلك قول مطيع بن إياس يرثي يحيى بن زياد الحارثي من جملة أبيات:
فاذهب بمن شئت إذ ذهبت به ... ما بعد يحيى في الرزء من ألم
(١) ترجمته والقصيدة في الأغاني ١٨: ٣٢٣.