للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه، فإنه كان يقوم فيشتم أبي في عدة مواضع.

وبلغ الخبر ابن مفرغ فقال: إني لأجد ريح الموت من عباد، ثم دخل عليه فقال: أيها الأمير، إني قد كنت مع سعيد بن عثمان، وقد بلغك رأيه في وجميل أثره علي، وقد اخترتك عليه فلم أحظ منك بطائل، وأريد أن تأذن لي بالرجوع فلا حاجة لي في صحبتك، فقال له: أما اختيارك إياي فقد اخترتك كما اخترتني، واستصحبتك حين سألتني، وقد أعجلتني عن بلوغ حجتي فيك، وطلبت الإذن لترجع إلى قومك فتفضحني فيهم وأنت على الإذن قادر بعد أن أقضي حقك.

وبلغ عباداً أنه يسبه ويذكره وينال من عرضه، فدس إلى قوم كان لهم عليه دين أن يقدموه إليه، ففعلوا فحبسه وأضر به، ثم بعث إليه بعني الراكة وبرداً، وكانت الراكة قينة لابن مفرغ، وبرد غلامه، رباهما وكان شديد الضن بهما، فبعث إليه ابن مفرغ مع الرسول: أيبيع المرء نفسه وولده فأخذهما عباد منه، وقيل أنه باعهما عليه، فاشتراهما رجل من أهل خراسان. فلما دخلا منزله قال له برد، وكانت داهية أديباً (١) : أتدري ما اشتريت قال: نعم اشتريتك وهذه الجارية، قال: لا والله، ما اشتريت إلا العار والدمار والفضيحة أبداً ما حييت، فجزع الرجل وقال له: كيف ذاك ويلك قال: نحن ليزيد بن مفرغ، ووالله ما أصاره إلى هذه الحال إلا لسانه وشره، أفتراه يهجو عباداً وهو أمير خراسان، وأخوه عبيد الله أمير العراقين، وعمه الخليفة معاوية بن أبي سفيان في أن استبطأوه، ويمسك عنك وقد ابتعتني وابتعت هذه الجارية وهي نفسه التي بين جنبيه ووالله ما أرى أحداً أدخل بيته أشأم على نفسه وأهله ما أدخلته منزلك، فقال: أشهدك أنك وإياها له، فإن شئتما أن تمضيا إليه فامضيا، وعلى أني أخاف على نفسي إن بلف ذلك ابن زياد، وإن شئتما أن تكونا له عندي فافعلا، قال: فاكتب إليه بذلك، فكتب الرجل إلى ابن مفرغ إلى الحبس بما فعله، فكتب إليه يشكر فعله، وسأله أن يكونا عنده حتى يفرج الله عنه.

وقال عباد لحاجبه: ما أرى هذا، يعني ابن مفرغ، يبالي بالمقام في الحبس،


(١) كذا في المسودة، ولعل الأنسب: " أريباً ".

<<  <  ج: ص:  >  >>