للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: ثم ذكر صاحب " الأغاني " عقيب هذا الفصل (١) أن سعيد بن عثمان بن عفان، رضي الله عنه، دخل على معاوية بن أبي سفيان فقال له: علام جعلت ولدك يزيد ولي عهدك دوني فوالله لأبي خير من أبيه وأمي خير من أمه وأنا خير منه، وقد وليناك فما عزلناك وبنا نلت ما نلت، فقال له معاوية: أما قولك إن أباك خير من أبيه فقد صدقت، لعمر الله إن عثمان لخير مني، وأما قولك إن أمك خير من أمه فحسب المرأة أن تكون في بيت قومها وأن يرضاها بعلها وينجب ولدها، وأما قولك إنك خر من يزيد، فوالله يا بني ما يسرني أن لي بيزيد ملء الغوطة مثلك، وأما قولك: إنكم وليتموني فما عزلتموني، فما وليتموني وإنما ولاني من هو خير منكم عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، فأقررتموني، وما كنت بئس الوالي لكم، لقد قمت بثأركم وقتلت قتلة أبيكم وجعلت الأمر فيكم، وأغنيت فقيركم ورفعت الوضيع منكم، فكلمه يزيد في أمره فولاه خراسان.

رجعنا إلى حديث ابن مفرغ:

قال الراوي (٢) : ولم يزل يتنقل في قرى الشام ويهجو بني زياد، وأشعاره تنقل إلى البصرة. فكتب عبيد الله بن زياد أمير العراقين إلى معاوية - وقيل يزيد وهو الأصح - يقول: إن ابن مفرغ هجا زياداً وبني زياد بما هتكه في قبره وفضح بنية طول الدهر، وتعدى إلى أبي سفيان فقذفه بالزنا وسب ولده، وهرب من سجستان وطلبته حتى لفظته الأرض، وهرب من الشام يتمضغ لحومنا ويهتك أعراضنا، وقد بعثت إليك بما هجانا به لتنتصف لنا منه. ثم بعث بجميع ما قاله ابن مفرغ فيهم، فأمر يزيد بطلبه، فجعل يتنقل في البلاد حتى لفظته الشام، فأتى البصرة ونزل على الأحنف بن قيس - قلت: وهو الذي يضرب به المثل في الحلم، وقد سبق ذكره واسمه الضحاك (٣) - قال: فاستجار


(١) الأغاني: ١٨٧.
(٢) النقل مستمر عن الأغاني: ١٨٨.
(٣) انظر ج ٢: ٤٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>