للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن الخلافة لمعاوية، فكتب الحسن إلى زياد: من الحسن إلى زياد، أما بعد، فقد علمت ما كنا أخذنا لأصحابنا من الأمان، وقد ذكر لي ابن سرح أنك عرضت له فأحب أن لا تعرض له إلا بخير، والسلام. فلما أتاه الكتاب وقد بدأ فيه بنفسه، ولم ينسبه إلى أبي سفيان غضب وكتب إليه: من زياد بن أبي سفيان إلى الحسن، أما بعد، فإنه أتاني كتابك في فاسق تؤويه الفساق من شيعتك وشيعة أبيك، وايم الله لأطلبنه ولو كان بين جلدك ولحمك، وإن أحب الناس إلي لحماً أن آكله للحم أنت منه. فلما قرأه الحسن رضي الله عنه بعث به إلى معاوية، فلما قرأه غضب وكتب إلى زياد: من معاوية بن أبي سفيان إلى زياد، أما بعد، فإن الحسن بن علي بعث إلي كتابك إليه، جواب كتابه إليك في ابن سرح، فأكثرت التعجب منه، وقد علمت أن لك رأيين: رأي من أبي سفيان، ورأي من سمية، فأما رأيك من أبي سفيان فحلم وحزم، وأما رأيك من سمية فكما يكون رأي مثلها، ومن ذلك كتابك إلى الحسن تسميه وتعرض له بالفسق، ولعمري لأنت أولى بذلك منه، فإن كان الحسن بدأ بنفسه ارتفاعاً عنك فإن ذلك لن يضعك، وأما تركك تشفيعه فيما شفع فيه إليك فحظ دفعته عن نفسك إلى من هو أولى به منك، فإذا أتاك كتابي فخل ما بيدك لابن سرح ولا تعرض له فيه، فقد كتبت إلى الحسن يخيره: إن شاء أقام عنده وإن شاء رجع إلى بلده، وإنه ليس لك عليه سبيل بيد ولا لسان. وأما كتابك إلى الحسن باسمه ولا تنسبه إلى أبيه، فإن الحسن ويحك ممن لا يرمى به الرجوان، أفاستصغرت أباه، وهو علي بن أبي طالب أم إلى أمه وكلته وهي فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذلك أفخر له إن كنت (١) عقلت، والسلام.

قوله: لا يرمى به الرجوان، بفتح الراء والجيم، وهو لفظ مثنى، ومعناه المهالك.

قلت: وقد رويت هذه الحكاية على صورة أخرى وهي (٢) : كان سعيد


(١) ر: فالآن حين فخرت له لو.
(٢) كان المؤلف قد زاد هذه الرواية في ورقة منفصلة وكتب عندها " تكتب هذه الورقة بعد الملحق في الحاشية " ولكن النسخة س لم توردها.

<<  <  ج: ص:  >  >>