للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحمل معه هدايا جليلة، من جملتها عقد نفيس، فأعجب به معاوية، فقال زياد: يا أمير المؤمنين، دوخت لك العراق، وجبيت لك برها وبحرها وحملت إليك لبها وسرها، وكان يزيد بن معاوية جالساً فقال له: أما إنك إذ فعلت فإنا نقلناك من ثقيف إلى قريش، ومن عبيد إلى أبي سفيان، ومن القلم إلى المنابر، فقال له معاوية: وريت بك زنادي.

وقال أبو الحسن المدائني: أخبرنا أبو الزبير الكاتب عن ابن إسحاق قال: اشترى زياد أباه عبيداً، فقدم زياد على عمر رضي الله عنه، فقال له: ما صنعت بأول شيء أخذت من عطائك قال: اشتريت به أبي، قال: فأعجب ذلك عمر رضي الله عنه، وهذا ينافي استلحاق معاوية إياه، والله أعلم.

ولما ادعى معاوية زياداً دخل عليه بنو أمية، وفيهم عبد الرحمن بن الحكم أخو مروان بن الحكم الأموي، فقال: يا معاوية، لو لم تجد إلا الزنج لاستكثرت بهم علينا قلةً وذلة، فأقبل معاوية على أخيه مروان بن الحكم وقال: أخرج عنا هذا الخليع، فقال مروان: والله إنه لخليع ما يطاق، قال معاوية: والله لولا حلمي وتجاوزي لعلمت أنه يطاق، ألم يبلغني شعره فيّ وفي زياد ثم قال لمروان: أسمعنيه، فقال:

ألا أبلغ معاوية بن صخر ... لقد ضاقت بما تأتي اليدان

أتغضب أن يقال أبوك عف ... وترضى أن يقال أبوك زان وقد تقدم ذكر بقية هذه الأبيات منسوبةً إلى يزيد بن مفرغ، وفيها خلاف هل هي ليزيد بن مفرغ أم لعبد الرحمن بن الحكم، فمن رواها لابن مفرغ روى البيت الأول على تلك الصورة، ومن رواها لعبد الرحمن بن الحكم رواها على هذه الصورة.

ولما استلحق معاوية زياداً وقربه وأحسن إليه وولاه، صار من أكبر الأعوان على بني علي ابن أبي طالب، رضي الله عنه، حتى قيل إنه لما كان أمير العراقين طلب رجلاً من أصحاب الحسن بن علي رضي الله عنهما يعرف بابن سرح وكان في الأمان الذي كتب لأصحاب الحسن رضي الله عنه لما نزل

<<  <  ج: ص:  >  >>