للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نفسي تروم أموراً لست مدركها ... ما دمت أحذر ما يأتي به القدر

ليس ارتحالك في كسب الغنى سفراً ... لكن مقامك في ضر هو السفر وقال ابن السكيت: كتب رجل إلى صديق له: قد عرضت لي قبلك حاجة، فإن نجحت فالفاني منها حظي والباقي حطك، وإن تعذرت فالخير مظنون بك، والعذر مقدم لك (١) ، والسلام.

ونقل من خطه ما مثاله: عرض سلمان بن ربيعة الباهلي الخيل، فمر عمرو بن معدي كرب الزبيدي على فرس له، فقال سلمان: هذا الفرس هجين، فقال: بل هو عتيق، فقال سليمان: هو هجين، فقال عمرو: هو عتيق، فأمر سلمان فعطش، ثم دعا بطست فيه ماء، ودعا بخيل عتاق فشربت، وجاء فرس عمرو فثنى يده وشرب، وهذا صنيع الهجين، فقال له سلمان: أترى (٢) فقال عمرو: أجل، الهجين يعرف الهجين، فبلغ عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فكتب إلى عمرو: قد بلغني ما قلت لأميرك، وبلغني أن لك سيفاً تسميه الصمصامة، وعندي سيف أسميه مصمماً، وايم الله لئن وضعته على هامتك لا أقلع حتى أبلغ به رهابتك، فإن سرك أن تعلم أحق ما أقول حتى أبلغ به رهابتك، فإن سرك أن تعلم أحق ما أقول فعد، والسلام.

الرهابة: على وزن السحابة، عظم في الصدر مشرف على البطن مثل اللسان، والله أعلم.

وقال أبوعثمان المازني (٣) : اجتمعت بابن السكيت عند محمد بن عبد الملك الزيات الوزير، فقال محمد بن عبد الملك: سل أبا يوسف عن مسألة، فكرهت ذلك وجعلت أتباطأ وأدافع مخافة أن أوحشه لأنه كان لي صديقاً، فألح علي محمد بن عبد الملك وقال: لم لا تسأله فاجتهدت في اختيار مسألة سهلة لأقارب يعقوب، فقالت له: ما وزن نكتل من الفعل من قول الله تعالى: (فأرسل


(١) المختار: ممهد لك.
(٢) المختار: أما ترى.
(٣) طبقات الزبيدي: ٢٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>