الملتين والحكم على البرين، والله تعالى يوفق للسعادة ويسهل الإدراة، لارب غيره ولا خير إلا خيره، إن شاء الله تعالى.
فلما وصل كتابه إلى الأمير يعقوب مزقه وكتب على ظهر قطعة منه:(ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها، ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون) . (النمل: ٣٧) ، الجواب ما ترى لا ما تسمع:
ولا كتب إلا المشرفية عنده ... ولا رسل إلا الخميس العرمرم قلت: وهذا البيت للمتنبي.
ثم أمر بكتب الاستنفار واستدعى الجيوش من الأمصار، وضرب السرادقات بظاهر البلد من يومه وجمع العساكر، وسار إلى البحر المعروف بزقاق سبتة فعبر فيه إلى الأندلس، وسار إلى أن دخل بلاد الفرنج، وقد أعتدوا واحتشدوا وتأهبوا، فكسرهم كسرة شنيعة، وذلك في سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة، انتهى ما نقلته من الجزء المذكور.
قلت: ثم وجدت في كتاب تذكير العاقل وتنبيه الغافل تأليف أبي الحجاج يوسف بن محمد بن إبراهيم الأنصاري البياسي (١) هذه المكاتبة وجوابها، قد كتبها الأذفونش بن فرذلند إلى أمير المسلمين يوسف بن تاشفين الآتي ذكره بعد هذا إن شاء الله تعالى - وجواب يوسف على هذه الصورة أيضاً، والله أعلم.
قلت: وذكر البياسي بعد هذا ما يدل على أنه نقلها من خط ابن الصيرفي الكاتب المصري، فإن كان كذلك فما يمكن أن تكون هذه الرسالة إلى يعقوب ابن يوسف، لأن ابن الصيرفي متقدم التاريخ على زمان يعقوب بكثير، والله أعلم.