للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم تركوه على فتيلة السراج فاشتعل وبقي زماناً طويلاً يشتعل ثم اطفأوه وهو على حاله ما تغير فيه شيء (١) ، ويقولون إنه يجلب من بلاد الهند، وإن هذا الطائر يكون هناك، وفيه نكتة ينبغي أن تذكر ها هنا، وهي أن طرف تلك القطعة لما وضعوه على السراج تركوه زماناً طويلاً والنار لا تعلق فيه، فقال بعض الحاضرين: هذا ما تعمل فيه النار، ولكن اغمسوا هذا الطرف في الزيت ثم اجعلوه على النار، ففعلوا ذلك فاشتعل؛ فظهر من هذا أن النار لا تؤثر فيه على تجرده بل لابد من غمسه في شيء من الأدهان.

ثم رأيت بخط شيخنا موفق الدين عبد اللطيف بن يوسف البغدادي في كتابه الذي جعله لنفسه سيرة أنه قدم للملك الظاهر بن صلاح الدين صاحب حلب قطعة سمندل، عرض ذراع في طول ذراعين، فصاروا يغمسونها في الزيت ويوقدونها حتى يتقد الزيت وترجع بيضاء كما كانت، والله أعلم.

ومثله السرفوت: دويدة تعشش في كور الزجاج في حال توقده واضطرامه وتبيض فيه وتفرخ، ولا تعمل بيتها إلا في موضع النار المستمرة الدائمة، فسبحان خالق كل شيء وهي بفتح السين المهملة والراء وضم الفاء وسكون الواو وبعدها تاء مثناة من فوقها.

وأما البيت الرابع الذي ذكر فيه النعام وأنه يلتقم الجمر، فهذا شيء شاهدناه كثيراً، وهو معروف بين الناس وليس بغريب. وبالجملة فقد خرجنا عن المقصود، لكن الكلام اتصل بعضه ببعض فانتشر.

وتوفي ابن صابر المذكور في ليلة الثامن والعشرين من صفر من سنة ست وعشرين وستمائة ببغداد (٢) ، ودفن يوم الجمعة غربيها بالمقبرة الجديدة، بباب المشهد المعروف بموسى بن جعفر، رضي الله عنهما.


(١) علق هنا صاحب المختار بقوله: " قلت، أعني كاتبها موسى بن أحمد لطف الله به: ورأيت أنا أيضاً منه قطعة من منشفة قد كانت نسجت منه وجربتها على النار فكانت على ما شرح، والله أعلم ".
(٢) ذكر في البدر السافر نقلاً عن ابن سعيد أنه توفي سنة ٦٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>