وفيه:" سر إلى العراق فقد وليتك إياه، وإياك أن يعلم بك أحد، واشفني من ابن النصرانية، يعني خالداً، ومن عماله " وأمسك الكتاب بيده، وحضر سالم بالكتاب الذي كتبه وعرضه عليه، فغافله وجعل الكتاب الصغير في طيه، وختمه ودفعه إلى سالم وقال له: ادفعه إلى رسول يوسف، ففعل ذلك، وانفصل الرسول. فلما وصل إلى يوسف قال له: ما وراءك قال: الشر، أمير المؤمنين ساخط عليك، وقد أمر بتخريق ثيابي وضربي، ولم يكتب جواب كتبك، وهذا كتاب بخط صاحب الديوان، ففض الكتاب وقرأه، فلما بلغ إلى آخره وقف على الكتاب الصغير، فاستخلف ابنه الصلت وسار إلى العراق.
وقد كان يخلف سالماً الكاتب على ديوان الرسائل بشير بن أبي طلحة من أهل الأردن، وكان فطناً، فلما وقف على ما كان من هشام قال: هذه حيلة، وقد ولى يوسف بن عمر العراق، فكتب إلى عياض عامل أجمة سالم، وكان واداً له: إن أهلك قد بعثوا إليك بالثوب اليماني، فإذا أتاك فالبسه واحمد الله تعالى، وأعلم طارقاً بذلك، وكان عامل خالد بن عبد الله القسري على الكوفة وما يليها، ثم ندم بشير على ما كان منه فكتب إلى عياض: إن القوم قد بدا لهم في البعثة إليك بالثوب اليماني، فعرّف عياض أيضاً طارقاً بذلك، فقال طارق: الخبر في الكتاب الأول، ولكن صاحبك ندم وخاف أن يظهر أمره، وركب من ساعته إلى خالد فخبره الخبر، فقال له: فما ترى قال: أرى أن تركب من ساعتك هذه إلى أمير المؤمنين، فإنه إذا رآك استحيا منك وزال شيء إن كان في نفسه عليك، فلم يقبل ذلك، فقال له: فتأذن لي أن أصير إلى حضرته وأضمن له مال جميع هذه السنة قال: وما مبلغ ذلك قال: مائة ألف ألف درهم، وآتيك بعهدك قال: ومن أين هذه الأموال والله ما أملك عشرة آلاف درهم، فقال: أتحمل أنا وسعيد بن راشد أربعين ألف ألف درهم - وكان سعيد يتقلد سقي الفرات - والزنيبي وأبان بن الوليد عشرين ألف ألف درهم ونفرق الباقي على باقي العمال، فقال له: إني إذاً للئيم أن أسوغ قوماً شيئاً ثم أرجع عليهم