للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به، فقال له: إنما نقيك ونقي أنفسنا ببعض أموالنا، وتبقى النعمة عليك وعلينا بك ونستأنف طلب الدنيا، خيرٌ من أن نطالب بالأموال، وقد حصلت عند تجار أهل الكوفة فيتقاعسوا عنا ويتربصوا بنا فنقتل وتذهب أنفسنا، وتحصل الأموال لهم يأكلونها، فأبى خالد ذلك عليه، فودعه وقال: هذا آخر العهد بك. ووافاهم يوسف بن عمر، فمات طارق في العذاب، ولقي خالد وجميع عماله كل شر، ومات منهم في العذاب بشرٌ كثير، وكان ما استخرج يوسف من خالد وأسبابه تسعين ألف ألف درهم.

قلت: وقد تقدم طرف من خبر خالد بن عبد الله القسري في ترجمته (١) ، فتطلب منه، وقد تقدم في ترجمة عيسى بن عمر الثقفي النحوي ذكر يوسف ابن عمر المذكور، وما جرى له معه في الوديعة (٢) .

وقال أبو بكر أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري في كتاب " أنساب الأشراف وأخبارهم ": إن هشام بن عبد الملك كان قد تغير على خالد بن عبد الله القسري أمير العراق لأمور نقلت عنه، فحقد عليه، منها: كثرة أمواله وأملاكه؛ ومنها: أنه كان يطلق لسانه في حق هشام بما يكرهه، وغير ذلك من الأسباب، فعزم على عزله وأخفى ذلك. وكان يوسف بن عمر الثقفي عامله على اليمن، فكتب هشام إليه بخطه يأمره أن يقبل في ثلاثين من أصحابه إلى الكوفة، وكتب مع الكتاب بعهده على العراق، فخرج يوسف حتى صار إلى الكوفة في سبعة عشر يوماً، فعرس قريباً منها، وقد ختن طارقٌ خليفة خالد القسري على الخراج ولده، فأهدي إليه ألف عتيق وألف وصيف وألف وصيفة سوى المال والثياب وغير ذلك، فجاء رجل إلى طارق فقال له: إني رأيت قوماً أنكرتهم وزعموا أنهم سُفّار. وصار يوسف بن عمر إلى دور بني ثقيف، فأمر بعض الثقفيين، فجمع له من قدر عليه من مضر، ففعل، فدخل يوسف المسجد مع الفجر فأمر المؤذن بالإقامة فقال: حتى يأتي الإمام،


(١) انظر ج ٢: ٢٢٦.
(٢) انظر ج ٣: ٤٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>