للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللغوي الفاضل، وأكثر ما أخذ الأدب عنه وبصحبته انتفع، وعاشر التاج أبا الفتح مسعود بن أبي الفضل النقاش الحلبي (١) الشاعر المشهور زماناً، وتخرج عليه في عمل الشعر.

وكان بيني وبين الشهاب الشواء مودة اكيده ومؤانسة كثيرة، ولنا اجتماعات في مجالس نتذاكر فيها الأدب، وأنشدني كثيراً من شعره، وما زال صاحبي منذ أواخر سنة ثلاث وثلاثين وستمائة إلى حين وفاته، وقبل ذلك كنت أراه قاعداً عند ابن الجبراني المذكور في موضع تصدره بجامع حلب، وكان يكثر التمشي في الجامع أيضاً على جاري عادتهم في ذلك كما يعملون (٢) في جامع دمشق، ولم يكن بيننا إذ ذاك معرفة. وكان حسن المحاورة مليح الإيراد مع السكون والتاني وجميل التأتي، وأول شيء أنشدني من شعره قوله:

هاتيك يا صاح ربا لعلع ... ناشدتك الله فعرج معي

وانزل بنا بين بيوت النقا ... فقد غدت آهلة المربع حتى نطيل اليوم وقفاً على الساكن أو عطفاً على الموضع ...


(١) النقاش الحلبي: هو مسعود بن أبي الفضل بن أبي الحصين بن كامل بن أبي الفتح بن أبي غانم بن أبي المجد بن أبي النار علي، يعرف بابن قطيس، لقيه سبط ابن الجوزي سنة ٦٠٢ وأنشده مقطعات من شعره وكتبها له وأخبره أن مولده سنة ٥٤٠، وكان من مداح الملك الأمجد صاحب بعلبك، قال سبط ابن الجوزي: وعهدي بالنقاش في سنة ٦٠٨ في الحياة، وقدم دمشق في سنة ٦٠٩ وأنشد الجماعة قطعاً من قصائده وأفادهم من فرائد فوائده، إلا أنه كان باطنه كالزناد الوقاد، وظاهره كالجليد والجماد، ومن رآه نسبه إلى البلاهة وعدم الذكاء والفقاهة، فإذا أنشد تساقط من ألفاظه مثل الجمان (مرآة الزمان: ٥٣٠ - ٥٣١) وقد ترجم على ديوانه وهو في مجلدين، قال: وكان من أكابر الشيعة، ثم صار حنبلياً، وكان ينقش سكك الدراهم وغيرها، أخذ الأدب عن التاج الكندي ومدح الملك امعظم وطلب منه العماد الكاتب شيئاً من شعره ليضمنه تصنيفه المسمى بذيل الخريدة وسيل الجريدة فاختار له ألف بيت من شعره؛ توفي بحب في شوال سنة ٦١٢ (باختصار) .
(٢) س: يفعلون.

<<  <  ج: ص:  >  >>