للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنشدني لنفسه أيضاً:

ومهفهف عني الزمان بخده ... فكساه ثوبي ليله ونهاره

لا مهدت عذري محاسن وجهه ... إن غض عندي منه غض عذاره وأنشدته يوماً في أثناء مناشدة جرت بيننا قول شرف الدين أبي المحاسن محمد المعروف بابن عنين الدمشقي - المقدم ذكره (١) - في صدر جهان المعروف بابن مازه البخاري وقيل السرخسي (٢) :

مال ابن مازه دونه لعفاته ... خرط القتادة أو منال الفرقد

مالٌ لزوم الجمع يمنع صرفه ... في راحةٍ مثل المنادى المفرد فقال: هذا ليس بجيد، فقلت له: ولم ذاك فقال: ليس من شرط المنادى المفرد أن يكون مضموماً، ولابد، فقد يكون المنادى مفرداً ولا يكون مضموماً بأن يكون نكرة غير معين كما تقول: يا رجلاً، ولكن أنا أعمل في هذا شيئاً. ثم إننا اجتمعنا بعد ذلك في الجامع فقال: قد عملت في ذلك المعنى شيئاً فاسمعه، ثم أنشد:

لنا خليل له خلال ... تعرب عن أصله الأخس

أضحت له مثل حيث كف ... وددت لو أنها كأمس فقلت له: وهذا أيضاً فيه كلام، فقال: وما هو فقلت: حيث فيها لغات، فمن العرب من يبنيها على الضم، ومنهم من يبنيها على الفتح، ومنهم من بينيها على الكسر، وفيها لغات أخر غير هذه، وأما أمس فمنهم من بينيها على الكسر، ومنهم من يقول: إنها اسم معرب لكنه لا ينصرف، وأنشدوا على هذه اللغة:

لقد رأيت عجباً مذ أمسا ... عجائزاً مثل السعالي خمساً


(١) انظر ج ٥: ١٤.
(٢) ديوانه: ٢٢١، وابن مازة هو محمد بن أحمد بن عبد العزيز البخاري (ابن الأثير، حوادث ٦٠٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>