يونس بن عبد الأعلى، فإني سعيت في دمه فقدر علي فحقن دمي، والآخر أبو هارون موسى بن عبد الرحمن بن القاسم فإنه رجل زاهد. فقال له بكار: صف لي الرجلين فقال له: أما يونس فرجل طوال أبيض، ووصفه ووصف موسى. فلما دخل بكار مصر ودخل الناس إليه دخل شيخ فيه صفة يونس، فرفعه بكار وأقبل يحدثه، ويقول: يا أبا موسى في كل حديثه، فبينا بكار كذلك إذ قيل له: قد جاء يونس، فأقبل على الرجل وقال له: يا هذا من أنت وما سكوتك كذا لو أفشيت إليك سراً لي! ثم دخل يونس فأكرمه ورفعه، وأتاه موسى بن عبد الرحمن فاختص بهما وأخذ رأيهما.
وقيل أن موسى المذكور اختص به القاضي بكار، وكان يتبرك به لزهده، فقال له يوماً: يا أبا هارون من أين المعيشة قال: من وقف وقفة أبي، فقال له بكار: أيكفيك قال: قد تكفيت به، وقد سألني القاضي فأريد أن أسأله، قال: سل، قال: هل ركب القاضي دينٌ بالبصرة حتى تولى بسببه القضاء قال: لا، قال: فهل رزق ولداً أحوجه إلى ذلك، قال: لا، ما نكحت قط، قال: فهل لك عيال كثيرة قال: لا، قال: فهل أجبرك السلطان وعرض عليك العذاب وخوفك قال: لا، قال: فضربت آباط الإبل من البصرة إلى مصر لغير حاجة ولا ضرورة، لله علي لا دخلت عليك أبداً. فقال: يا أبا هارون أقلني، قال: أنت بدأت بالمسألة، ولو سكت لسكت. ثم انصرف عنه ولم يعد إليه بعدها.
وقال يونس: رأيت في المنام قائلاً يقول لي: إن اسم الله الأكبر " لا إله إلا الله ".
ونقلت من كتاب " المنتظم في أخبار من سكن المقطم " قال في ترجمة يونس المذكور: ومن حكاياته التي حكاها عن غيره، أن رجلاً جاء إلى نحاس، فقال له: أسلفني ألف دينار إلى أجل، فقال له النحاس: من يضمن المبلغ قال: الله تعالى، فأعطاه ألف دينار، فسافر بها الرجل