للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولاد المجوس شاب متطبب يدعي تحقيق الكلام فأظهر مسئلة تحريق النفس بالنار، وكان يزعم أن الجسد منتن في حال الحياة فإذا مات فلا حكمة في دفنه والتسبب إلى زيادة نتنه، وإن الواجب إحراقه وإذراء رماده، فقيل لبعض الفقهاء: إن الناس قد افتتنوا بمقالة المجوسي، فكتب الفقيه إلى عبد الله بن طاهر أن اجمع بيننا وبين هذا المجوسي نسمع منه؛ فاجتمعوا بمجلس عبد الله بن طاهر، فلما تكلم المجوسي بمقالته تلك قال له الفقيه: أخبرنا عن صبي تداعته أمه وحاضنته أيهما أولى به، فقال: الأم، فقال: إن هذه الأرض هي الأم منها خلق آدم وأولى بأولادها أن ترد إليها، وأنشد لأمية بن أبي الصلت:

والأرض معقلنا وكانت أمنا ... فيها مقابرنا ومنها نولد فأفحم المجوسي وقطعه.

وكان الأصمعي يقول: بشار خاتمة الشعراء والله ولولا أن أيامه تأخرت لفضلته على كثير منهم.

ولقي أبو عمرو ابن العلاء بعض الرواة فقال: يا أبا عمرو من أبدع الناس بيتاً فقال: الذي يقول:

لم يطل ليلي ولكن لم أنم ... ونفى عني الكرى طيف ألم

روحي عني قليلاً واعلمي ... أنني يا عبد من لحم ودم

[إن في بردي جسماً ناحلاً ... لو توكأت عليه لانهدم

ختم الحب لها في عنقي ... موضع الخاتم من أهل الذمم] قال: فمن أمدح الناس قال: الذي يقول:

لمست بكفي كفه ابتغي الغنى ... ولم أدر أن الجود من كفه يعدي

فلا أنا منه ما أفاد ذوو الغنى ... أفدت وأعداني، فأتلفت ما عندي قال: فمن أهجى الناس قال: الذي يقول:

رأيت السهيلين استوى الجود فيهما ... على بُعد ذا من ذاك في حكم حاكم

سهيل بن عثمان يجود بماله ... كما جاد بالوجعا سهيل بن سالم

<<  <  ج: ص:  >  >>