للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: ويحك هذه الأبيات كلها لبشار.

وقال محمد بن الحجاج: قلت لبشار: إني أنشدت فلاناً قولك:

إذا كنت في كل الأمور معاتباً ... صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه

فعش واحداً أو صل أخاك فإنه ... مقارف ذنب مرة ومجانبه

إذا أنت لم تشرب مراراً على القذى ... ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه فقال: ما كنت أظنه إلا لرجل كبير، فقال لي بشار: ويلك أفلا قلت له هو والله أكبر الإنس والجن

وحدث الأصمعي قال: قلت لبشار: يا أبا معاذ، الناس يعجبون من أبياتك في المشورة، قال: يا أبا سعيد إن المشاور بين صواب يفوز بثمرته، أو خطأ يشارك في مكروهه، فقلت له: أنت والله في قولك أشعر منك في شعرك.

وقيل لبشار: ما لكم معشر الشعراء لا تكافأون في قدر مديحكم قال: لأنا نكذب في العمل فنكذب في الأمل؛ ومثل هذا قيل لأبي يعقوب الخزيمي محمد ابن منصور بن زياد: شعرك في مديحك أجود من شعرك في مرائيك، قال: إن ذلك للرجاء وهذا للوفاء وبينهما بون.

وقيل: كان بشار جالساً في دار المهدي والناس ينتظرون الإذن، فقال بعض موالي المهدي لمن حضر: ما عندكم في قول الله عز وجل (وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتاً) فقال له بشار: النحل التي تعرفها الناس، فقال: هيهات يا أبا معاذ، النحل بنو هاشم وقوله (يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه يه شفاء للناس) يعني أهل العم، فقال له بشار: أرني الله شرابك وطعامك وشفاءك مما يخرج من بطون بني هاشم فقد أوسعت غثاثة، فغضب وشتم بشاراً، وبلغ المهدي الخبر فدعا بهما وسألهما عن القصة فحدثه بشار بها، فضحك حتى أمسك على بطنه، ثم قال للرجل: فجعل الله طعامك وشرابك مما يخرج من بطون بني هاشم فإنك بارد غث.

قال: ودخل يزيد بن منصور الحميري على المهدي وبشار بين يديه ينشده قصيدة امتدحه بها، فلما فرغ منها أقبل عليه يزيد من منصور وكان فيه غفلة

<<  <  ج: ص:  >  >>