للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: يا شيخ ما صناعتك قال: أثقب اللؤلؤ، فضحك المهدي ثم قال لبشار: أعزب، أتتنادر على خالي فقال: وما أصنع به يرى شيخاً أعمى ينشد الخليفة شعراً يسأله عن صناعته.

ووقف على بشار بعض المجان وهو ينشد شعراً بسكة فقال له: استر شعرك كما تستر عورتك، فصفق بشار بيديه وغضب وقال له: ويلك من أنت فقال: أنا أعزك الله رجل من باهلة وأخوالي سلول وأصهاري عك واسمي كلب ومولدي بأضاخ ومنزلي بنهر بلال، قال: فضحك بشار وقال: اذهب ويلك فأنت عتيق لؤمك، قد علم الله أنك استترت مني بحصون من حديد.

ومر بشار برجل قد رمحته بغلة وهو يقول: الحمد لله شكراً، فقال له: استزده يزدك. ومر به قوم يحملون جنازة وهم يسرعون المشي بها فقال: ما لهم مسرعين أتراهم سرقوها فهم يخافون أن يلحقوا فتؤخذ منهم

وكان رجل من أهل البصرة ممن كان يتزوج النهاريات قال: تزوجت امرأة منهن فاجتمعت معها في علو بيت وبشار تحتنا، أو كنا في سفل وبشار يعلوه [مع امرأة] ، فنهق حمار في الطريق فأجابه حمار في الجيران وحمار في الدار، فارتجت الناحية بنهيقهما، وضرب الحمار الذي في الدار برجله وجعل يدقها دقاً شديداً فسمعت بشاراً يقول للمرأة: نفح يعلم الله في الصور وقامت القيامة، أما تسمعين كيف يدق على أهل القبور حتى يخرجوا منها قال: ولم تلبث أن فزعت شاة وكانت في السطح فقطعت حبلها وعدت فألقت طبقاً فيه غضارة إلى الدار، فانكسرت، وتطاير حمام ودجاج كان في الدار لصوت الغضارة، وبكى صغير في الدار، فقال بشار: صح الخبر يعلم الله، أزفت الآزفة وزلزلت الأرض، فعجبت من كلامه وغاظني، فسألت: من المتكلم فقيل لي: بشار، فقلت: قد علمت أنه لا يتكلم بهذا غير بشار.

وتوفي ابن لبشار فجزع عليه فقيل له: اجر قدمته وفرط أفرطته وذخر أحرزته، فقال: ولد دفنته وثكل تعجلته وغيب وعدته وانتظرته، والله لئن لم أجزع للنقص لم أفرح بالمزيد، وقال يرثيه من أبيات:

<<  <  ج: ص:  >  >>