عجبت لإسراع المنية نحوه ... وما كان لو مليته بعجيب قيل: رفع غلام بشار ليه في حساب نفقته جلاء مرآة عشرة دراهم، فصاح به بشار وقال: والله ما سمع بأعجب من هذا، جلاء مرآة أعمى عشرة دراهم، والله لو صدئت عين الشمس حتى يبقى العالم في ظلمة ما بلغت أجرة من يجلوها عشرة دراهم.
وحضر بشار باب محمد بن سليمان فقال له الحاجب: اصبر، فقال: الصبر لا يكون إلا عن ثلاثة، فقال الحاجب: إني أظن وراء قولك هذا شراً، ولن أتعرض إليك، قم فأدخل.
وقال هلال بن عطية لبشار وكان صديقاً له يمازحه: إن الله عز وجل لم يذهب بصر أحد إلا عوضه شيئاً، فما عوضك فقال: الطويل العريض، قال: وما هو قال: لا أراك ولا أمثالك من الثقلاء؛ ثم قال: يا هلال أتطيعني في نصيحة أخصك بها قال: نعم، قال: إنك كنت تسرق الحمير زماناً، ثم تبت وصرت رافضياً، فعد إلى سرقة الحمير فهي والله خير لك من الرفض؛ وكان هلال يستثقل، وفيه يقول بشار:
وكيف يخف لي بصري وسمعي ... وحولي عسكران من الثقال
إذا ما شئت صبحني هلال ... وأي الناس أثقل من هلال وقد قيل إن الذي خاطب بشاراً بهذه المخاطبة هو ابن سيابة، فلما أجابه بشار قال له: من أنت قال له: أنا ابن سيابة، قال: يا ابن سيابة، لو نكح الأسد لما افترس؛ قال: وكان يهتم بالابنة.
وقالت امرأة لبشار: ما أدري لم تهابك الناس مع قبح وجهك، فقال بشار: أليس من قبحه يهاب الأسد
وحكى محمود الوراق: أتينا بشاراً فأذن لنا فدخلنا والمائدة موضوعة بين يديه فلم يدعنا إلى طعامه، فلما أكل دعا بطست فكشف عن سوءته وبال، ثم حضرت الظهر والعصر والمغرب فلم يصل، فدنونا منه وقلنا له: أنت أستاذنا فقد رأينا منك أشياء نكرهها، قال: ما هي قلنا: دخلنا والطعام بين يديك