للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلم تدعنا، فقال: إنما أذنت لكم لتأكلوا ولو لم أرد ذاك لما أذنت لكم، قال: ثم ماذا قلنا: ودعوت بالطست ونحن حضور فبلت ونحن نراك، فقال: أنا مكفوف وأنتم بصراء وأنتم المأمورون بغض الأبصار دوني، قال: مه ثم ماذا قلنا: حضرت الظهر والعصر والمغرب فلم تصل، قال: إن الذي يقبلها تفاريق يقبلها جملاً.

وحكى أبو أيوب الجرمي قال: قعد إلى جنب بشار رجل فاستثقله فضرط ضرطة، فظن الرجل أنها أفلتت، ثم ضرط أخرى فقال: أفلتت، ثم ضرط ثالثة فقال: يا أبا معاذ ما هذا فقال: مه أرأيت أم سمعت فقال: لا بل سمعت صوتاً قبيحاً، قال: فلا تصدق حتى ترى.

وقيل إن امرأة قالت لبشار: أي رجل أنت لو كنت أسود الرأس واللحية، فقال بشار: أما علمت أن بيض البزاة أثمن من سود الغربان فقالت: أما قولك فحسن في السمع، فمن لك بأن يحسن [شيبك] في العين كما حسن [قولك] في السمع فكان بشار يقول: ما أفحمني إلا هذه المرأة.

وقال بعض الشعراء: أتيت بشاراً وبين يديه مائتا دينار فقال لي: خذ منها ما شئت، أو تدري ما سببها قلت: لا، قال: جاءني فتى فقال: أنت بشار قلت: نعم، فقال لي: كنت آليت على نفسي أن أدفع إليك مائتي دينار، وذلك أني عشقت امرأة وجئت إليها وكلمتها فلم تلتفت إليّ فهممت بأن أتركها ثم ذكرت قولك:

لا يؤنسك من مخبأةٍ ... قول تغلظه وإن جرحا

عسر النساء إلى مياسرة ... والصعب يمكن بعدما جمحا فعدت إليها ولازمت فناءها، فلم أرجع حتى بلغت حاجتي.

ولما بلغ المهدي هذان البيتان استدعاه فلما قدم عليه استنشده فأنشده إياهما، وكان المهدي غيوراً، فقال: تلك أمك يا عاض كذا وكذا من أمه، تحض النساء على الفجور وتقذف المحصنات المخبآت! والله لئن قلت بعد هذا بيتاً واحداً فيه تشبيب لآتين على نفسك! ولم يحظ بشيء منه فهجاه في قصيدة فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>