للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جوائزهم، وجاب البلاد، وقصد البصرة وبها عبد الصمد بن المعذل (١) الشاعر، فلما سمع بوصوله - وكان في جماعة غلمانه وأتباعه - فخاف من قدومه أن يميل الناس إليه ويعرضوا عنه، فكتب إليه قبل دخوله البلد (٢) :

أنت بين اثنتين تبرز للنا ... س وكلتاهما بوجه مذال

لست تنفك راجياً لوصال ... من حبيب أو طالباً لنوال

أي ماء يبقى لوجهك هذا (٣) ... بين ذل الهوى وذل السؤال فلما وقف على الأبيات أضرب عن مقصده ورجع، وقال: قد شغل هذا ما يليه فلا حاجة لنا فيه. وقد ذكرت نظير هذه الأبيات في ترجمة المتنبي في حرف الهمزة.

[ (٤) ولما قال (٥) ابن المعذل هذه الأبيات في أبي تمام، كتبها ودفعها إلى وراق كان هو وأبو تمام يجلسان إليه ولا يعرف أحدهما الآخر، وأمر أن تدفع إلى أبي تمام، فلما وافى أبو تمام وقرأها قلبها وكتب:

أفي تنظم قول الزور والفند ... وأنت أنقص من لا شيء في العدد

أشرجت (٦) قلبك من غيظ على حنق ... كأنها حركات الروح في الجسد

أقدمت ويلك من هجوي على خطر ... كالعير يقدم من خوف على الأسد وحضر عبد الصمد، فلما قرأ البيت الأول وقال: ما أحسن علمه بالجدل، أوجب زيادة ونقصاناً على معدوم، ولما نظر إلى البيت الثاني قال: الإشراج


(١) أج د هـ: المعدل.
(٢) انظر الصولي: ٢٤١ - ٢٤٢ والشريشي ٢: ١٨٩ والأغاني ١٣: ٢٥٤.
(٣) ب ج: لحر وجهك يبقى.
(٤) ما بين معقفين انفردت به م ر.
(٥) هذا الخبر مخالف للذي قبله بعض المخالفة ومن حتى المؤلف أن يصدره بمثل قوله " ويقال إن ... الخ " وانظر الأغاني ١٣: ٢٥٥ وديوانه ٤: ٣٥١.
(٦) اشرج الشيء: شده بالشرج وهي العرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>